تقول هند بنت عتبة:
"المرأةُ غُلٌّ، ولا بدَّ للعُنق منه، فانظر مَن تضعُه في عُنقك"!
تتحدث هند بهذا وكأن نفس المرأة روح مكشوف معلوم، ننتقي من سوقها ما نشاء وما نريد، ولكن هندا لكي يتحقق قولها، لابد للمرء معه من ساحر او منجم أوعراف يخبره بما خفي عليه من نفس المرأة وسريرتها، حتى يحسن الاختيار، او أن يلجأ لطبيب نفسي يشرح للخاطب ما خفي من أخلاقها التي تظهرها تصرفاتها.
وذلك طبعا أمر محال مما يجعلنا دوما نقول: إن المرأة في حياة الرجل قدر.. إما ان تكون رزقا حسنا أو ابتلاء مرا، وليست المرأة السيئة تلك التي تجهدك وتضنيك وتتعبك في حياتك، فتظل تعاني من أخلاقها وتصرفاتها وعقوقها فقط.. ولكن هناك نوع من النساء أخطر من ذلك كله، وهي المرأة السيئة ولكنها فوق ذلك السوء ساحرة تجرك لهواها وسوئها دون شعور أو إحساس.. تسير في ركابها حتى تكون مثلها تماما، فبدلا من أن تعاني أنت من سوئها، جعلت منك بمهارتها أداة في يديها، تسئ بك إلى الآخرين.
فإذا بك في ساعة تأمل تنظر إلى نفسك إن كنت من أصحاب النظر والتأمل، أو أن الله أراد أن يمن عليك بنفحة من الادراك لتسترجع حالك وسوء تصرفك.. هنا تنظر لذاتك، فتجد نفسك وقد انقلبت عدوا لأهلك تعق أباك وأمك، وتخاصم إخواتك، وتتفنن في هجرهم و الكيد لهم، ولا تراعي كرامتهم او مشاعرهم، وتتجرد في علاقتك معهم من كل ذوق أو أدب أو أصول، تذبح القرابة والعشرة بسكين باردة، والحق أنك لا لو عليك، فأنت طيب مسكين وضحية لنفس تتفجر بالغل والحقد، تعيش معك وقد استطاعت أن تنفس فيك سمومها من حيث لا تدري.. فصارت كل خطواتك عقوق وتخبط، وحمق وغباء.
ويتعجب الناس منك ويضربون كفا على كف، كيف لهذا الذي تربى على النقاء والصفاء أن يتحول لهذه الطاقة من الحماقة والغل والمكايدة؟ ومع أقرب الناس إليه؟ وهم لا يعلمون أنه مسحور، سحرته من عاشرته فطبعته على هذه الرذائل والبلايا.
فكيف يكون كلام هند صائبا ونحن نفقد القدرة على تحقيقه، وكيف لأحدنا أن ينتقي ما يريد من بنات الصلاح والنفس غريبة متقلبة، قد تقول: تنتقي أهلها أو تنظر لأمها.. قد تفعل ذلك فعلا، ولكن في بعض الأحيان يبتلى الرجل بامرأة ورثت منابت السوء عن جدها أو جد جدها أو جدتها أو أم جدتها.
وأمام هذا التردي لا أستطيع أن أنصح من سألني بعدما أفاق بقوله: ماذا أصنع في زوجة حرضتني على الكره والبغض والغل والحقد، حتى خاصمت أهلي وظلمت أبي وأمي وتنكرت لإخوتي فما عاد لي إخوة أو أهل.
لا استطيع نصحه أو أن أعثر له على حل لمشكلته لسبب بسيط وهو أنه مسحور، وأنا لا أستطيع علاج المسحور..
من لا خير له في أهله لا خير فيه.
ناهيك عن أبناء يخرجون كذلك لا خير لهم في أهلهم.