لماذا لجأت قطر للدعاية الإسلامية؟
لا تحسبن أن قطر حينما لجأت للدعاية الإسلامية التي ظهرت في كل مكان عن سماحة الإسلام وسمو تعاليمه ومبادئه وشعاراته في قبول الآخر واحترامه، نابع من أنها دولة الإسلام الأولى، أو أنها التي ستقيم حلم الخلافة المنشود.
من ظن هذا فهو طيب جدا..
بعض هؤلاء الطيبين أخذ الأمر بصورة بريئة امتطاها حسن الظن بما رأى وسمع عن هذا الحشد القيمي الإسلامي في مونديال كأس العالم القطري2022.. واعتبر قطر حملت على عاتقها نشر رسالة الإسلام وتقديمه للعالم.
لكن الأمر ليس على هذا التصور الساذج، فقطر منذ أول يوم سحقت فيه دولا أوروبية كبيرة باستحقاقها إقامة المونديال على أراضيها، وهي تواجه حربا شرسة، ودعاية مؤرقة، تعرضت لها على كل المستويات وفي كافة الجوانب، فالإعلام الغربي يشن غارته الشعواء على قطر داعيا لمقاطعة مونديال كأس العالم على أراضيها عبر تقديم حجج واهية كاذبة، تتعلق بحقوق العمالة وحقوق المثليين وقضية المناخ والتلوث، وعدم جاهزية البنى التحتية، ناهيك عن التصوير الإسلامي البشع أو التخويف من الإسلام وتصوير الإسلام والمسلمين وشعوبهم بصورة سلبية مفزعة.
ومن ثم استطاعات قطر أن ترد بقوة مفحمة على كل هذه الادعاءات، ففتحت بلادها للصحافة الأوربية، ليرى الجميع ويشاهد بعينه ما أعدت قطر من ماديات مذهلة، تفوقت حتى على ما يمكن أن تعده دول أوروبا...
كان هذا هو الرد المادي المتعلق بالاتهامات المحسوسة، وبقي الرد الإسلامي والذي لن يكون إلا بما تقدمه اليوم قطر من الحقائق الإسلامية الناصعة التي ترفع شعاراتها السلمية الانسانية المصاحبة لفعاليات المونديال.
وأحب القول لمن لا يعرف، أن هذا الحدث الجديد الذي تقوم به قطر اليوم، ليس جديدا على مونديال كأس العالم، وإن كان قد ظهر اليوم بشكل مؤسسي تشرف عليه وتقره الدولة، فإنني كنت في العقد الماضي قد عملت في مؤسسة خيرية عالمية بالمملكة العربية السعودية، وهي (الندوة العالمية للشباب الإسلامي) ، وكان من ضمن نشاطها الذي تُسخر له كل إمكاناتها وجهودها، أن تستثمر إقامة مونديال كأس العالم في أي بلد وفي كل دوره، فيكون لها فيه جانب دعوي نشيط وظاهر، وكانت له آثاره الإيجابية القوية في تصحيح صورة الإسلام، من إعلان الشعارات الدينية، وتوزيع السيديهات والكابات والتشيرتات التي تحمل قيما إسلامية، ومقابلة المارة في الشوارع وإعطائهم كتيبات ومطويات عن قيم الإسلام وسماحته، ودعوة الكثيرين من الجماهير المحتشدة لبعض المحاضرات التي تعرف الكثيرين بالإسلام الذي يجهلونه.
ومن جهة أخرى لا يمكن إغفالها.. فقطر في افتتاحها لكأس العالم أظهرت المظهر العلماني الحر غير المتعصب، فمريام فرس المطربة الخليعة التي عرت سيقانها وفخديها، كانت على أرض قطر وأرض المونديال نفسه الذي يحمل الأحاديث النبوية، ويستضيف أكبر داعية إسلامي عالمي وهو الدكتور ذاكر نايك، ومن ثم نعلم أن المسألة ليست خدمة خالصة للإسلام، أو تعصبا للدعوة إليه، بقدر ما هو عنصر سياسي فرضه الواقع واقتضته الظروف.
وعلى الجميع أن يعلم ذلك، قبل أن تسوقه عاطفته لأي اتجاه آخر يمليه عليه تصوره البطيء، وهواه الضعيف.
ومن ثم كان الرد على كثير من الأطراف التي أيدت وانزعجت، فنقول لهم: حنانيكم إنها السياسة من فعلت ذلك، فلا يجوز للعلماني أو الملحد أن يسخط على قطر قبل أن يفهم، ولا يجوز للإسلامي المتدين أن يرضى عن قطر، قبل أن يستوعب، كما يأتي الأمر ردا على بعض الرؤى الغريبة التي أعلنت فيها خطأ قطر الفادح، بإظهارها لهويتها الإسلامية، وأن ذلك سيكون داعيا لأن تظهر كل دولة في المستقبل هويتها الدينية للترويج لها، ودعت هذه الرؤية إلى تجنب الحديث في الدين، والانشغال بالكرة وحدها.
ولكن الغرب لن يفعل ذلك، لأنه ليس بحاجة للمونديال لنشر تعاليم الكنيsة، نحن فقط من يمكن أن تخدمنا هذه الفرصة لتصحيح الفهم الغربي عن الإسلام وبلاده.. والتي دعت إليها الظروف لا أكثر ولا أقل.!
كما أعجبني هنا قول القائل: "قطر دولة مش مشيخة
بتلعب اقتصاد مش دعوة ومش كباريه
بتنظم كاس العالم وبتصرف كتير، وعلى جانبه بتعمل أنشطة تعوَّض الفلوس اللي بتصرفها، من ضمنها الغناء والرقص، وبرضه من ضمنها السياحة الدينية باستضافة محاضرين لهم شعبية كفيلة باستقدام سياح وتحقيق ربح."