بعض الرجال لا يشعرون برجولتهم إلا في قهر زوجاتهم، ووأد حريتهن ومخالفة رأيهن..
المرأة تكون هي الكائن الوحيد في حياته التي تشعره برجولته وقوته حينما يتجبر عليها.
وهناك جنس آخر من الرجال منهمك في جلب المال، يقدس العمل والدينار والدرهم ويلتفت إليهم أكثر مما يلتفت لأي شيء آخر في دنياه.
وهناك رجل ثالث بليد الحس لا مشاعر في حياته ولا عاطفة تنبعث من ثنايا قلبه، فهو فاتر صلب ماسخ، لا يعرف في دنياه الا أنه يعيش ويحيا فقط، يمارس أسباب الحياة من أكل وشرب وجنس.
وهنا تضيع المرأة بين كل هذه الصور التي يرفضها قلبها، حينما ترى قلب الرجل ذاهل عنها متنكر لها لا يستوعبها، ولا يعيش أفكارها وطموحها، ولا يقترب مما تريد أن تحياه.
وماذا يكون بعد هذا البعاد إلا النفور والكراهية، ثم تكون المصيبة القاضية، أن تبحث المرأة عمن يعوضها هذه المشاعر، وتسابق إلى عالم الخيانة مسرعة مهرولة.
لقد وجدت رجلا غير زوجها يعوضها مشاعرها التي فقدتها، وجدت من رأته قريبا من قلبها، فهي تحيا معه دائما، بل كما عبرت: لا تشعر بمعنى الحياة إلا معه.
الخيانة جريمة، لكن أسبابها لا يتحملها الخائن وحده، فهناك عوامل لو أنها حوربت ابتداء، لأغنت المرأة أن تسلك هذا المسلك الوعر المخيف.
بعض الناس يرفض مثل هذا الكلام، لأن الخيانة في نظره جريمة بشعة مهما كانت الدوافع والأسباب فإنها لا تعد مبررا يقبله العقل والمنطق والمسار الاجتماعي والقيمي.
ولكن مهما كان الرفض، فإن ترك الأسباب وعدم التعويل عليها، يعد رفضا لعلاج مأساة تعيشها كثير من الزوجات اليوم، خصوصا وأن هذا البديل الذي يجسد صورة الخيانة، صار سهلا موفورا مع انتشار قنوات التواصل الاجتماعي.
الخيانة هنا ليست في ممارسة الجنس واستباحة الجسد، بقدر ما هي خيانة في المشاعر والقلب الذي تهبه المرأة لمن لا يملكه.
عاصرت مشكلة لامرأة تحدثت عن زوجها الذي ينفصل عن أشواقها ولا يستوعب مشاعرها، وقد عرفت شخصا آخر، عاشت معه كل مآربها ورغباتها، حتى وصل بها الأمر أن زوجها حينما يعاشرها فإنها تتخيل أن من يحتضنها عشيق قلبها لا مالك جسدها.
كثير من النساء اليوم يمكن أن يمثلن قنابل موقوته، وإذا لم نهتم بهن، ونتعرف علي بواطنهن، ونشاركهن طموحهن ومشاعرهن، فلن نجدهن حولنا يشاركننا الحياة، لأننا أعطينا قلبها الفرصة أن يفلت من أيدينا حينما تراخينا عنه.
أكرر دائما أن الصورة المقصودة هي طبيعة وقصة بعض النساء وليس الجميع، فأنا أرفض التعميم، لكنني أود أن ألفت الانتباه إلى حالة وصورة استشرت اليوم كثيرا بين النساء.
فأنا لا أصور المرأة بالعموم على أنها عربيدة خائنة، وإنما قصارى غايتي أن أسد المنافذ على الضعف الذي يمكن أن يجتاح قلب المرأة ذلك المخلوق العاطفي.
أنا لا ألوم المرأة قبل أن ألوم الرجل، فأقول له: تنبه أيها الغافل، اترك ما في يديك واحتضن زوجتك، وحاول أن تمس شغاف قلبها، قبل أن يتجه ذات اليمين وذات الشمال، فباب الخيانة اليوم مفتوح على مصراعية، وسهام الغيلة تناوش المرأة من كل جانب، فاحفظ بيتك وأكرم أهلك، وكن قريبا منها قبل أن تصير بعيدا عنها.
ولأكون اليوم أكثر توضيحا وصراحة إذا قلت: إن الخيانة اليوم تنتشر بين طبقة الكاتبات والمثقفات أكثر من غيرهن، فتجد شاعرة أو كاتبة أو قاصة تعيش قصة حب مع حبيب آخر وهي متزوجة، لا لشيء إلا لأنها رأته يشبهها، وفي المقابل رأيت فوق التشابه زوجا غبيا أحمقا تنتشر النار في جسده كلما رأى زوجته تقرأ كتابا، أو تؤلف قصيدة، وتأكله نيران الغضب لو علم أن زوجته اشترت كتابا تحبه أو كتبت رواية تريد نشرها.
بل علمت زوجة مثقفة وأديبة تحول الأمر في نفسها إلى مرض عضال، فهي لا تكتفي بعشيق واحد أو حب واحد تراه يشبهها، وإنما صار لها أكثر من حبيب وعشيق تحدثه وتكلمه وتهيم معه وتشعر أن وجودهم جميعا ضرورة في حياتها يمكن أن يعوضها الحالة التي حرمت منها.
ويمكن كذلك أن تقبل المزيد والمزيد من العشاق.. لا مانع أبدا.. فقد تحولت عندها إلى هواية.
ويبقى السؤال في نهاية المطاف: هل يمكن أن نلوم المرأة وحدها على مسلكها المرفوض، أم أن هناك مسالك أخرى يمكن أن نوجه إليها لومنا الصريح.؟
ثم بعد كل ذلك يمكن أن أقول لك إن ذات الخيانة يمكن أن يحققها الرجل لو لم يجد زوجة تحتضن عالمه وتعانق هواه وتقبض علي اهتماماته.