تعيش مغفلا طوال حياتك حتى يأذن الله سبحانه أن تأتي هذه اللحظة التي تعرف فيها الحقيقة وتكشف ما خفي عنك، وما تم التعمية عليك فيه من أقرب الأقربين.
خيانات فاجعة وطعنات في الظهر، ما كنت تتوقعها ابدا حتى يأذن الله بكشف الستر وجلاء العماية، فتأتي إليك الحقيقة زاحفة تطرق بابك دون عناء أو شقاء.
أحيانا تأتي من الصدفة الغريبة، وأحيانا تأتي من مجرد كلمة تقال ولو على سبيل الهرج والطرافة، وأحيانا أخرى يفرض عليك التدخل في أمر لا يعينك حتى يهديك إلى ما يعنيك في تلاحم مدهش تجزم معه أن الأمر بتدبير القادر سبحانه وأنه لم يكن مجرد صدفة أو من غرائب الأقدار.
صديقي وأخي الدكتور إبراهيم حسن قص علي من الغرائب التي واجهته في مهنته كطبيب أمرًا مدهشًا أحببت أن أحكيه لكم.
يقول:
كان لنا صديق نزوره أنا وزميل لي، وبينما هو يودعنا ونحن نزول على أدراج السلم، كان ولده الصغير يسير أمامنا، فقال له صاحبي مداعبًا:
- هل هذا ولدك؟
- نعم هو ابني.
- لكن هذا الولد لا يشبهك، -تلاقيك سارقة من مكان ما-
-أبدا والله دا ابني.
ولكن يبدو أن مجرد هذه الكلمات التي قيلت على سبيل المداعبة والمزاح والتهريج قد نالت من تفكير الأب الذي سارع إلى التحليل واستبيان الأمر والتحقيق فيه، حتى توصل فعلا إلى كشف خطير.
أجرى تحليل dna وتبين أن الولد ليس منه ولا من زوجته.
فماذا حدث إذن وابن من هذا الغلام؟
يقول الدكتور إبراهيم: فوجئنا به يتصل بنا بعد مدة ليقول لنا: فعلا الولد –طلع مش إبني- وتم تبديله في المستشفى.
بقي أن تعلم أن هذا الطفل كان وقتها ابن (7) سنوات، سبع سنوات كاملة وهذا الوالد يربي ولدا غير ولده وليس من صًلبه، حتى شاء الله أن يكشف له الأمر.
مع أن هذه الكلمات التي قيلت له، مجرد كلمات عادية يمكن أن تقال لأي أب لأن الغالب أن الأبناء لا يشبهون آباءهم، ليس هذا شرطا أساسا في أمور الخلقة والذرية، ومن يشبهون آباءهم قليلون جدا.. لكنها إرادة الله التي أعتبرها من أرزاق الله على العبد، أن يهديه إلى الحقيقة الخافية عنه.
لم يشأ الدكتور إبراهيم حينما رأى دهشتي من هذه القصة إلا أن يعاجلني بقصة أخرى أكثر دهشة وعجبًا.!
يقول: كنا مرة في الحضانة ومع طفلين حديثي الولادة فأخطأت الممرضة وأبدلت إسورة مكان إسورة وهي التي يكتب عليها اسم الطفل، فأدركناها ونحن جلوس واكتشفنا الخطأ، ولما جاء الأب قصصنا عليه الأمر والخطأ التي وقعت فيه الممرضة، وأخبرناه أننا تداركنا الموضوع وهذه هي ابنتك، ولكن إذا أردت التأكد، فإن المستشفى ستجري لك تحليل dna مجانا لأن الخطأ من الممرضة، فقال لكنني أنجبت ولدا، فرد الأطباء عليه: لا إنما هي أنثى لا ذكر.
لم يكن أمام الوالد في ظلال هذه الحيرة المؤرقة إلا أن يوافق على إجراء التحليل حتى يتبين الأمر ويهتدي لطفله الحقيقي، وأجرت المستشفى التحليل على نفقتها، فماذا خرج في التحليل، وماذا قال التحليل؟
تم استخراج التحليل الذي أبان بأن البنت ليست ابنته ولكنها ابنتة زوجته؟!
الله أكبر .. مجرد خطأ بسيط وقعت فيه الممرضة وتم كشفه وتداركه، وكان بوسع الأطباء ألا يخبروه بشيء لأنه لا داعي لتناوله، فقد عالجوا الأمر وصححوا الخطأ.
ولكنها إرادة الله لهذا الرجل أن ينكشف أمامه ستر الخيانة.
ألا تعتبر معي أن كشف الحقيقة رزق من أرزاق الله يمنحه لمن يشاء؟!