------------------------------------------
إيك أن تظن أن ما قام به سعد الدين الهلالي مؤخرا من دعاوى باطلة أنه فريد بها ومخترع لهرفها.. بل هو في حقيقته مجرد مردد لمن سبقوه من المرجفين وحامل لواء من سلفه من الحاقدين الملتاثين.
دعونا نكون أكثر صراحة مع أنفسنا، فما يفعله هذا الرجل يؤكد بدقة أنه يعمل لحساب أعداء الإسلام، ولو أنه فقيه كل الفقه، ولديه مخزون يكاد أن ينفجر من الاجتهاد والرؤى لما أمكنه فقهه أن يخرج به اليوم في وقت نحن في أمس الحاجة فيه للناس أن يتمسكوا بدينهم وقيمهم وتعاليم ربهم.
لكن ما يفعله الهلالي يشجع على اتساع هوة الانحلال والإلحاد، والكثير من الدوائر المنفلتة التي تقف في وجه العقيدة الصحيحة والثوابت الدينية المتينة.
أعجني رد فعل المؤسسات الدينية الحكومية في مصر أمام هذا العته المتعمد والمصطنع لإحداث بلبلة دينية، والتي جاءت ردا على بعض التيارات العلمانية المتطرفة التي تدعوا لكتم كل من ينتقد هذا الرجل وعقابة من العلماء وأئمة المنابر.. لكن المواجهة أو الضربة جاءت لهم من المؤسسات الدينية الحكومية الكبرى وعلى رأسها الازهر والأوقاف، فليست كل المور يمكن قبولها.
وليكن معلوما أنه منذ عقود طويلة قام سلامة موسى لينادي بنفس النداء الخائب الذي أعلنه سعد الدين الهلالي هذه الأيام، ولكن إذا كان البوق واحدًا فإن الأشخاص تختلف ومرجعية كل منهما في هذا النداء القاتم متباينة.
قام سلامة موسى لينادي بمساواة المرأة مع الرجل في الميراث، وظن الرجل في زمنه أن النساء من دعاة النهضة والتنوير، سوف يقفن خلفه ويصفقن له ويدعمنه بحماسهن، ويرددن دعاويه التي تعترض على قسمة الله.
وأحب الرجل أن يبدأ بزعيمة النساء في ذلك الوقت، فكتب خطابًا إلى هدى هانم شعراوي، يستحثها أنا تنادي بما طالب به من هذه المساواة، وكان الظن أن تقف المرأة معه، وتنادي بشذوذه الذي يعتقد أن يصب في دعوى تحرير المرأة، وأنها ستنادي به مُجددًا ومصلحًا ومنقذًا للمرأة ليتساوى في الزعامة والصدارة بقاسم أمين، لكن حدثت المفاجأة المذهلة والذي سجلتها هدى شعراوي في مذكراتها، حينما ردت عليه بأنها، ليست موافقة على هذه المساواة التي ينادي بها، أمام ما قسمته الشريعة للمرأة، وأن النهضة النسوية في هذه البلاد، لا يجب أن تتشبه بأوروبا، فلكل بلد شريعته وتقاليده، وليس ما يصلح في بلد يصلح للبلد الآخر، كما أننا لم نلحظ تذمرًا للمرأة وشكوى على عدم مساواتها بالرجل في الميراث، لأن قناعتها بما قسم لها من نصيب، ناشئ من أن الشريعة عوضتها مقابل ذلك، بتكليف الزوج بالإنفاق عليها وعلى أولادهما، كما منحتها حق التصرف في أموالها.
ثم فندت شبهة أخرى مما طرحه فقالت: أما القول بأن عدم المساواة في الميراث، من دواعي إحجام المرأة بعض الشباب عن الزواج في الشرق، فغير وجيه، لأننا نشاهد في أوروبا، انتشار نفس الداء في عصرنا الحالي، أشد خطورة منه في الشرق، رغم أن المرأة الأوروبية ترث بقدر ما يرث الرجل، فضلا عن أنها ملزمة بدفع المهر، ومكلفة بالتخلي عن إدارة أموالها لزوجها.
وقالت: لو سلمنا بنظرية الأستاذ سلامة موسى وجاريناه في طلب تشريع جديد، فهل لا يخشى أن يؤدي ذلك إلى إسقاط الواجبات الملقاة على عاتق الزوج نحو زوجته وأولاده بالاشتراك في الصرف، وفي ذلك ما فيه من حرمان يعود بالشقاء والبؤس على الزوجات الفقيرات، اللاتي لم ينلن ميراثًا من ذويهن، وهذه الطبقة تشمل أغلبية الزوجات، ولا يخفى ما هن عليه من جهل وأمية."
أرأيت؟
إنما هي دائرة تتكرر وفيلما يعاد كلما أذنت به الحاجة لإلهاء المجتمع وتثنية الناس عن ثوابتهم ومعتقداتهم.! لكن الملاحظ أن العلمانيين قديما كان لديهم شيء كبير من احترام الدين والثوابت، بينما هذا العصر قد رمانا بأجناس يزعمون انتماءهم لهذا الفصيل ، لكن بنكهة إلحادية وسعار محموم في العداء للإسلام.