إياك أن تظن أن "عبد القدير خان" بطلا قوميا لباكستان وحدها، ولكن الرجل يعد بطلا لكل المسلمين، وتاجا فوق رؤوسنا جميعا، وستعرف هذا في نهاية المقال.
قصة عبد القدير عجيبة، ملهمة لكثير من المعاني الخطيرة التي تضع لنا معالم الوطنية الصادقة حينما يكنها الإنسان السوي لبلاده.
فمنذ أن كان صغيرًا وفي محاولة هروبة من الهند إلى الوطن الجديد باكستان، رأى بعينيه الأهوال العديدة والمذابح المريعة التي ارتكبها الهندوس الوثنيون في المسلمين المهاجرين.
كان من الممكن أن يذبح الصبي الصغير عبدالقدير خان فيمن ذبح، لكن الله أراد نجاته ليكون له دور بطولي في حياة شعبه.
اللصوص وقطاع الطرق من العصابات الهندية أعرضت عن قتل الصبي ولكنهم سرقوا منه قلمًا كان قد أعطاه له أخوه الأكبر هدية.
عبد القدير حزن جدا على هذا القلم، ولكنه لم يدرك أنه سيرد الطعنة للمجرمين وبالقلم أيضًا.
فكان طريقه للعلم هو طريق النصر والظفر والعزة والشموخ.
من المفارقات الجميلة ما يقال: "ذهب عبد القدير خان إلى الغرب فعاد إلى بلاده بصناعة القوة الرادعة فصان وطنه ودينه وذهبنا إلى الغرب فعدنا نعربد في ديننا وننشر أسوأ ما رأينا من عري وشذوذ."
والحق أن المفارقة ليست أيضا في الفارق بين الذهابين، وإنما نجد كذلك من يسرق ثروة بلاده ويهرب أموالها للخارج، بينما عبدالقدير سرق لعزة وطنه ورفعة قومه، حينما استحوذ على تقاير الطرد المركزي وعمليات تخصيب اليورانيوم واسم الشركات العالمية المتعاونة والداعمة.
سرق عبدالقدير كل هذه التقارير لشموخ باكستان المنكسرة الذليلة أمام الهند، واستطاع بالعلم والكفاح أن يجعل منها أسدا جسورا، وقوة نووية يمكن لها أن تمحو شبهة الجزيرة الهندية من الوجود في لمح البصر.
باكستان كانت دولة ضائعة لا يحترم العالم ضعفها، ولا يرعوي لما يلحقها من وحشية الهنود، عبد القدير هو الشخص الوحيد الذي جعل العالم كله يركع احتراما لباكستان.
مات البروفيسور خان منذ سنوات، لكن النصر الذي صنعته باكستان وصمودها المذهل لم يكن نصرها الذي تحقق مؤخرا على يد جيشها وقادتها، وإنما هو في حقيقته نصر ذلك الذي يرقد ثراه في قبره منذ تلك السنوات، ليظل بطلا في الحاضر والمستقبل، بأكثر وأعمق مما كان بطلا في الماضي.
خسارة كبيرة لحقت العالم العربي لانها لم. تغتنم وجود هذا الرجل لصنع قنبلة 💣 نووية.
الرجل كان عبقريا في التخفي والتمويه، فلم يشك أحد ممن حوله من الغربيين فيما يبيته أو يُسره، لم يعرف أحد ممن يعمل معه ما ينويه ويعد له، طمأن الجميع أو خدع الجميع، حتى استيقظوا عشية يوم من الأيام بما حققه من معجزة علمية.
المخابرات الباكستانية من أقوى أثبتت أنها من أقوى أجهزة المخابرات العالمية، لا في إدارتها لجلب المفاعل الألماني إلى باكستان بسرية تامة، ولكن لأنها نجحت أن تحمي بطلها الواعد من يد الغدر والاغتيال، كان من الممكن أن يفكر الغرب في اغتيال خان وهو الطريق المتبع مع كثير من العلماء المسلمين، لكنه لم يستطع، لأن باكستان كانت تحمي أملها ووجودها ومستقبلها.
ولعل هذا يذكرني بما حدث لعلمائنا في الغرب حينما تركناهم مصيدة وفريسة للاغتيال الصhيوني حتى تقطع الطريق على عزتنا وشموخنا، لكن باكستان كانت أكثر يقظة وإدراكا.
لماذا يصمت خالد منتصر أمام قوة باكستان وبطولة عبد القدير ، ليغمرنا بسفهه المعتاد في المفارقة بين الاسلام والعلم؟
ألا يعلم منتصر أن عبد القدير عالم مسلم، وأن نجاحه المدوي الذي قلب موازين القوى في الشرق الآسيوي يحسب للإسلام.؟
هل تتخيل أنه لو لم يقم هذا البطل الخالد بعمله الفذ، لكان للمسلمين اليوم جرح آخر لا يندمل بعد جراح فلسطين، وكنا كل يوم نوزع دموعنا ورثاءنا بين مذابح في باكستان، ومذابح في فلسطين.
هل عرفتم ماذا فعل عبدالقدير، ولماذا هو بطل لكل المسلمين قبل أن يكون بطلا لبلاده؟
هل عرفتم فضل هذا الرجل على دموعنا وأحزاننا وأوجاع قلوبنا؟
إنه فضل وجميل ندين له به ما بقينا في الحياة.