تعيش في كندا هانئة مطمئنة، تصبح وتمسي وهي في أجمل بلاد الدنيا وراحة العالم، حيث البشر هناك يعرفون ما لا نعرف، من حقوق الإنسان وكرامة الشعوب، وحرية الجماهير، والتحضر الإنساني.
إنها السيدة آمال مهنا Amaal Ali Saleh التي عرفناها منذ زمن طويل، وتعلمنا منها الكثير، ورأينا في شمائلها صورا من المروءة والشهامة والأصالة تندر وجودها وعز فيمن حولنا من الناس.
تعيش آمال في بلاد الغرب وأمريكا، ورغم ما هي فيه من سلامة الحال، واستقرار النفس وطمأنينة الروح، لم تنس أبدا أصولها الغزاوية، ومنابتها الفلسطينية، فإذا بها لا تعرف طعما للحياة حتى وإن كانت كريمة، أمام ما يعانيه قومها من آلام وعذابات.
ولك أن تتخيل ماذا تستطيع أن تفعل مجرد امرأة أمام هذا التكالب العالمي على قومها، وما يمكن أن تقدمه مهيضة الجناح أمام عروبة تغرق في سرابيل الخذلان.
استشهد من عائلتها(125) شخصًا ومازال بعضهم تحت الأنقاض إلى حتى هذه اللحظة.
سارعت آمال مهنا التي لم تقبل أن تكبلها أصفاد الصمت وأخاديد العجز، فأسست جمعية خيرية في كندا لخدمة ضحايا الحرب في غزة، وجابت بعض الدول تجمع التبرعات التي يمكن أن تغيث بها هؤلاء المعذبين.
لم تترك بابا إلا وطرقته، ولا طريقا إلا وسلكته، ولا نداء إلا وصدحت به.
استطاعت بجهد وتعب ومثابرة أن تقدم شيئا للأبرياء المنكوبين، عبر عدة مشروعات كان منها..
حفر ابار
محطات تحليه مياه
تكيات إطعام للنازحين
خيام وشوادر للنازحين
توزيع رغيف الخبز وكوبونات خضار
وكسوة العيد للاطفال
توزيع عيديات نقدية للاطفال
كفالة أيتام وأرامل نفذت هذا عبر أربع فرق في كافة قطاع غزة جنوبا وشمالا شرقا وغربا.
لم تنته الأمور عند هذا الحد، بل تجد تلك المساعدات الإنسانية مصاعب جمة في طريق وصولها إلى مستحقيها، وتظل السيدة المناضلة تكابد عناء مرا لإنفاد هذه الرسالة.
سمعتها يوما تقول: "نحن بعون الله لن نيأس ولن نكل ولن نمل وسنظل نجاهد معهم بأموالنا ووقتنا وجهدنا وهذا أضعف الإيمان حتى نلقى جوابا عند الله.
الوضع في غزة خطير جدا وصعب جدا أكثر مما أي أحد يتخيل."
ما يحدث في غزة ليس مسؤولية هذه المرأة حتى يتخيل أحدنا أنها فلسطينية تقوم بواحبها.. لكن هذه السيدة وضعتنا جميعا رجالا ونساء في مأزق خطير، لأن فلسطين قضية كل مسلم، والسيدة لا تدافع عن وطن بقدر ما تدافع عن قضية، سيسألنا الله جميعا ماذا صنعنا لها وكيف نصرناها؟
ولينظر كل منا بماذا يجيب.. لكن آمال ستجيب جوابات تشرفها أمام ربها ورسولها.
تعيش "آمال مهنا" محنة شعبها قلبا وقالبا، حسا وروحا جسدا وشعورا، ولقد رأيتها مرة وهي تبكي بكاء أم ثكلى على ولدها أو أشد، حينما خبرت أن تكاليف بعض المساعدات قد زادت ضريبتها بفعل التجار والسماسرة وهي في طريقها إلى المحرومين المنكوبين في غزة الأبية.
أجهشت المرأة بالبكاء، وانهمرت الدموع، ولعمري إنها لدموع في ميزان الله أثقل من بحار الدنيا، بل هي دموع تفجرت من وريد القلب قبل مآقي العين، لتدلنا على إنسانة بلغت فيها الإنسانية مبلغا زاغت عنه قلوبنا وأحاسيسنا.
لا نسوق حديث آمال حتى نبرز حال امرأة ذات همة وبطولة وصبر وجلد. بقدر ما نسوقه حتى نشعر بما مُنينا به رجالنا قبل نسائنا من بلادة الحس والشعور، وضخامة العجز والتبلد.