أعرف أقدار الرجال، وأعرف كيف أقرأهم، ومما أعرفه بدقة أن شيخ الأزهر رجل طيب، لكن الطيبة وحدها لا تنفع في كثير من المواقف، والرجل لا يعد في منصبه وتربعه على المشيخة، مجرد موظف في الدولة كما كان سلفه طنطاوي يعلن ذلك على الملأ، وإنما تبقى تبعات هذا الموقع اكبر من كون صاحبها مجرد موظف، إن الواجب يفرض على شيخ الازهر ان يكون قائدا وحاميا ومدافعا عن الدين وثوابته أمام حفنة من المارقين المنحلين، الذين يستخدمون لقب الأزهر في التشويش على قيم وتعاليم وأصول وثوابت الإسلام.
الموقف يا شيخ الأزهر في هذا التوقيت لا يحتمل الطيبة والهدوء والرد بالحسنى كما تفعل أنت دائما، فليست الحسنى تنسجم في كل الحوادث ومع كل القضايا، نحن نريد عقابا ونريد حزما ونريد غضبة مضرية تنتصر لله ودينه وشرعه.
لا يمنع ان نواجه الانحراف الفكري والعلمي بالفكر والعلم و لا ان نرد على الضلال بالدليل والبرهان، ولكننا نريد مع هذا ما يرد قوافل الإفك ويردع مساسها الحقير بتعاليم ديننا.
يا شيخنا نريدك أن تكون من اهل البراءة، ونريدك ان تخرج إلى الدنيا وانت تعلن هذه البراءة باسم الأزهر من كل ماكر مخرف ضال مضل.. تخيل انك لو فعلت ذلك في خطبة او بيان، موقن انا أن الأمة لن تستمع بعد بيانك لكل ماكر مشوش سليط يريد ان ينال من شريعتنا.
لن يستمع إليه أحد ولن يلقوا له بعد اليوم بالا.
فليقل ما يريد، فلا قيمة لما يقول لأن الأزهر قد لفظه، وليس من حقه بعد اليوم ان ينطق بزور بين الناس وهو يحمل اسمه.
ثم كيف تراك يا شيخ الأزهر وانت بين يدي الحق يوم القيامة، فهل يرضي الله منك حينما يسالك عن موقفك ان تقول له: لقد رددت على خصوم دينك بالدليل والبرهان؟
إن كل صبي صغير في المرحلة الابتدائية الأزهرية يمكن له أن يفعل ذلك.. ولن يرضي الله تعالى منك هذا الهوان والاستقلال.. فتغضب يا شيخنا على هؤلاء المنحرفين، وليكن لك قرارك وصولتك التي توقفهم عند حدهم.
أنت بهذه الطيبة التي تستخدمها في كل المعارك، لا تضعف هيبة الأزهر فقط، وإنما تقضي تماما على هيبة الدين.
افعل شيئا تلقى الله به وانت مطمئن النفس، أصدر قرارك الحاكم بفصل أمثال هؤلاء من الأزهر وتجريدهم من الدرجات العلمية التي حصلوا عليه، ارفع عليهم قضايا امام القانون، وطالب الدولة بحجبهم من الظهور والتحدث عن الإسلام.
أعد كتيبة من العلماء الاحرار تظهر للعالم حقيقة المرجفين وتبين خللهم الفكري والعقلي، وتبدي حقيقة الأهواء والأغراض الدنيئة التي توجههم، والأجندة الخبيثة التي يعملون في ظلها.
إن للأزهر حرمته وشرفة، وإذا لم تتحرك بالمستوى الذي يليق بحفظ هذا الشرف، فانت تخون مهمتك ووظيفتك وازهرك ووطنك الذي يحتاج منك أن تكون مقاتلا عنيفا تحفظ دينه وعقيدته.
تحرك من أجل الوطن والحفظ على عقيدة الشعب.. صُن الأمانة التي جعلك الله فيها ولا تفرط فتبعث من المفرطين.
لا تكفينا طيبتك، بل أقول لك بصراحة اننا مللنا طيبتك.
اتذكر ويتذكر معي الناس، يوم أن خرجت بعض الشيء عن هذه الطيبة في ردك على اهتراءات الخشت المغرور، لقد شعرنا يومها بأن ارواحنا تعود إلى جسومنا، وشعرنا يومها بان القائد الديني الذي افتقدناه منذ زمن بعيد، عاد مغوارا شجاعا، ولكن يبدو انها كانت طيفا من شجاعة لم تتكرر ولن تتكرر.
كرهت صمتك يا شيخنا، بل كرهت هدوءك أحيانا، فهل ستظل هكذا، ام أن الأحداث الثقال يمكن ان تغيرك وتثيرك وتحول هدوءك إلى عاصفة تزود عن حياض ديننا.
كلما قابلت مخدوعا بزيف المتكلمين، وافعال المتخرصين، أجده يقول لي: إن المتحدث أزهري، وينطق وهو أزهري، ولهم الحق في ذلك، لان صمت الازهر العجيب مكن هؤلاء من الايقاع بعقول الناس.. إنني اطالبك بوضوح تام ان تسحب العالمية من كل ملتاث العقل زنديق، أعلن شقاقه لثوابت الإسلام ومنهجه.
فهل يمكن أن تفعل شيئا؟ لماذا يا شيخنا تكون دائم الحرص على تحقيق وصف مسماك، اكثر من حرصك على الدين والأزهر والوطن.
هل تذكر غضبة عبد الحليم محمود؟
هل تذكر غضبة عبدالمجيد سليم؟
هل تذكر غضبة الخضر حسين؟
هل تذكر غضبة المراغي؟
لقد غضب والله هؤلاء وهم أيضا طيبون، لكنهم في بعض المواطن علموا الطيبة هزيمة وأحيانا نقيصة.
أعلم ان الاوباش الهمج سينالون منك لو تخليت عن طيبتك، لكننا نعلمك وقتها اننا سنكون معك ومن جنودك، ندفع عنك ونحميك.