كل التحية والاكبار للسلفيين الأحرار فلهم مني كل امتنان وتقدير.
من هم ومتى ظهروا وكيف تسموا بهذه التسمية ومن سماهم بها؟
اصبر فسوف أجيبك عن كل هذا في ثنايا هذا السطور.
المحنة الأخيرة التي سميت بمحنة الشيخ برهامي وحالة التخذيل المنتنة التي ظهر بها الرجل، قلبت الدنيا رأسا على عقب.. تلامذة الرجل أصابهم الهلع الشديد من تصريح سيدهم، فذهب قوم يدافعون عنه بأن حديثه تم تجزئته، وقوم آخرون ذهبوا يقرون بأن قوله موافق للعلم والشرع ولم يأت بمنكر في الدين ومن من يخالفونه يشنعون عليه ويسبون ولم يرد عليه واحد منهم ردا علميا واحدا، مع أن المسألة لا تحتاج إلى رد علمي.
والحق أن من يدافعون عن الشيخ ماتت ضمائرهم وأفئدتهم وصاروا يتبعون الهوى، لأن إصرارهم على اتباع رجل كهذا رغم ما جاء به من كارثة إنسانية ودينية يدل على أن الفتية قد مسخت عقولهم وأسنت أفهامهم وطبع على قلوبهم.
والحق أنه قد ظهر في أتون الغضب فريق سلفي ثالث ما كنت أتوقع ظهوره أو أتوقع غضبته، نعم لقد ظهر طرف ثالث رفض كلام برهامي وسبوه على صفحاتهم علنا، وتنكروا لقوله ورفضوه، ومنهم من دعا عليه بدعوات لو أن الله استجاب لهم لأنزل نارا إلى الأرض أحرقته.. وهؤلاء هم السلفيون الأحرار الذي يمثلون تيار اليقظة في المسار السلفي والصورة النقية التي يجب ألا تغيب عن أذاننا إذا قومناه ورصدناه وهو التيار الصادق والفريق الثالث قوم لم تتلوث فطرتهم السلفية بإفك المداخلة ونفاق حزب الزور.
فإذا ما هاجمنا السلفية وصببنا عليها من حمم الغضب فيجب أن لا ننسى هؤلاء الأحرار وننقذهم من بينهم حتى لا يصيبهم عوار من يتدثرون باسمهم وأشكالهم. وهم من سميتهم اليوم بالسلفيين الأحرار وأرسلت لهم سلامي وتقديري..
وأمام هذه الدعوات التي تزعم أن الرجل لم يخطئ وأنه تكلم بالعلم وأنا كل من هاجموه لم يناقشوه علميا حاولت أن أهدئ من روعي وأرجع إلى كتب التفاسير والعلم لعلي أجد للرجل حجة أو علة فماذا وجدت؟:
يقول الله تعالى: "وَإِنِ اسْتَنصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ إِلَّا عَلَىٰ قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُم مِّيثَاقٌ ۗ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِير"
قال الامام الطبري تعليقا على هذه الاية: "وكان حقا على المؤمنين الذين آووا ونصروا إذا استنصروهم في الدين أن ينصروهم إن قاتلوا، إلا أن يستنصروا على قوم بينهم وبين النبي صلى الله عليه وسلم ميثاق، فلا نصر لهم عليهم، إلا على العدوِّ الذين لا ميثاق لهم"
لاحظ هنا أخر كلمتين للإمام الطبري والتي لا تحتاج إلى تعليق
وكذلك قوله تعالى: {إِلَّا عَلَى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ} قيل في تفسيرها :"ميثاق -أي عهد بترك القتال، فإنهم إذا أراد المؤمنون المتميزون الذين لم يهاجروا قتالهم، فلا تعينوهم عليهم، لأجل ما بينكم وبينهم من الميثاق"
ويعني هذا أن النهي في الآية قائم على دعوة بعض المؤمنين لقتال عدو لهم، أي أن هؤلاء المؤمنين الداعين للقتال، لم يحتل العدو أرضهم وينتهك عرضهم ويقتل أطفالهم ونساءهم ويدمر مدنهم ويصب عليهم كل يوم عشرات القنابل التي توشك أن تبيد شعبهم كما هو حاصل الان.
إنما هم مجرد مجموعة لهم عدو ربما يدعونك لنصرتك لكن لابد هنا أن تحترم الميثاق حسب نص الآية، لكن الشيخ برهامي تماكر وتخابث وحاول أن ينزل مفهوم الآية في غير محله ولا مكانه اللائق به.
علق صديقنا الشيخ محمد مفتاح بقوله: "هذا ان كان بعض المسلمين مقيما في بلاد الكفار واستنصر بالمسلمين
ولا علاقة له بحالة احتلال الكفار بلاد المسلمين وهذا ظاهر من سياق الايات "ولم يهاجروا..." يعني انهم مقيمون في بلاد الكفر
فلا تنسبوا لابن كثير ولا لغيره ما لم يخطر له ببال اصلا"
وهنا يظهر بجلاء أكبر شناعة الفكر السلفي الحرفي النصوصي المتحجر الذي يأخذ بالظاهر دون فهم لمعنى الآية وروح الحديث ومقصد الإسلام.
يا شيخ برهامي ويا أتباع برهامي أجيبوني:
ما يحدث واليهود يحتلون أرضك ويقتلون قومك وينتهكون شرف أمتك؟ فهل تطبق هذه الأحكام وهل يليق تطبيقها على هذا النحو الذي يريده ويتصوره برهامي ألا إن الله تعالى يرضى ولا يشرع بهذا الهوان.. فالله تعالى ينظر إلى المسلمين على أنهم أمة واحدة وليسوا دولا متعددة والمؤمنون كلهم كالجسد الواحد.
ونحن هنا لا نناقش شرعية المعاهدة من غيرها لكننا نقول: إن إسقاط الشيخ برهامي منكر وإفك لم يقل به الإسلام ولا أقره الشرع ولا علماء الإسلام.
إن أي معاهدة لا قيمة لها أمام دماء المسلمين في عرف الإسلام وشرعه.
لكن الواقع والقانون الدولي فرض علينا أمورا تمنعنا من تطبيق ما يريده الواجب منا، فهذه نقطة أخرى، لكن صورة عالم الدين الملتحي، وحديثه عن المقاومة والمجاهدين كيف تكون؟
هل تكون بهذا الخلط والزيف والتجاهل المُر لفقه الواقع وطبيعة العدو وشكل المعاهدة ونية المحتل.؟
وإذا كان الشيخ برهامي المتعالم يستشهد بالقرآن والحديث، في قوم بيننا وبينهم ميثاق وعهد، فلماذا تجاهل القرآن الكريم الذي يقضي بأن اليهود قوم لا ميثاق لهم في قوله تعالى :
"فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ وَكُفْرِهِمْ بِآيَاتِ اللَّهِ"
إذا كان الشيخ يتكلم بالشرع والقرآن فهذا الشرع والقرآن يخبرك أنهم هؤلاء الفجار لا عهد لهم ولا أمان وهو ما ذكره الامام الطبري بنصه من جواز نصرة إخوة الدين على قوم لا يحترمون المواثيق.
هل أنت أعلم أم الطبري الذي كان آية الله في دينه؟!