أثار مقالنا القديم حول التفسير الوسيط المنسوب للشيخ الدكتور محمد سيد طنطاوي شيخ الأزهر الأسبق، موجة سخط عارمة من المتعصبين للأزهر بحق وبغير حق، إذ أنكروا دعواي أن الشيخ استحوذ على التفسير كله منكرا حق شيخه فيه، وكان الأولى به من باب الأمانة العلمية التي افتقدها، أن يعلن في مقدمة التفسير جهود شيخه فيه وتفضله عليه بإسهامه العلمي العظيم، لكن الشيخ لم يكن بارا بأستاذه العلامة المفسر الالمعي الكبير الشيخ الدكتور أحمد الكومي.
كل ما كان لدي كبرهان على هذه الدعوى مجرد صور لأجزاء قديمة من التفسير، عليها اسم الكومي وطنطاوي، وبعض حكايات ومرويات مما دار في هذه الحادثة ممن عاصروها من رجال الأزهر الكبار، وتأكيد الجميع لي بأن التفسير كان للكومي فيه جهد ضخم وصل لثمانية أجزاء.
كان هذا الصخب منذ يومين فقط، حتى شاء الله أن أجد وأعثر على ترجمة للشيخ الكومي بلسانه هو، نشرت له في مجلة الأزهر، في صفحة صديقي فوزي سلطان، يروي فيها الشيخ الكومي حديثا عن نشأته ورحلته العلميه ومسيرة حياته، ولما جاء الحديث عن جهوده العلمية، كان أول شيء ذكره هو مشاركته للتفسير الوسيط بينه وبين تلميذه طنطاوي.
جاء هذا الكلام في أعظم وثيقة وشهادة أزهرية وهي مجلة الأزهر الناطقة باسمه.
وهنا ما حال المعترضين وما قولهم؟
هل يكذبون الشيخ الكومي؟
هل يكذبون مجلة الأزهر؟
هل يرون أن حديثي هذا والذي يعد جلبًا لحق رجل ضعيف تشويها للأزهر وعلمائه؟
دائمًا أسائل نفسي ما هذه العصبية العجيبة للباطل أمام نور الحق اللهم إلا ان تكون ضربا من اتباع الهوى.
كل من لديه التفسير الوسيط لابد أن يدرك أن هذا التفسير من جهد الشيخ الكومي وتلميذه طنطاوي، وليس جهد طنطاوي وحده، ويدرك قبل هذا أن طنطاوي أغفل حق شيخه ولم يصل رحم العلم بينه وبين معلمه.
ومن المضحك المبكي ان البعض قال لي: لا تتكلم في غير فنك وعليك بالمتخصصين، ونسي الرجال أنني أزهري وخريج من ذات الكلية التي تخرج منها الكومي وطنطاوي، وأستطيع التمييز والبصر بما أقول وأكتب.. ثم إني لا أدري ما شأن استدعاء المتخصصين في مثل هذا الأمر؟ هل نتكلم هنا عن معرفة المحكم والمتشابه، والناسخ والمنسوخ، وأسباب النزول، وإعجازه، وإعرابه ورسمه، وعلم غريب القرآن، حتى نستدعي متخصصا يحكم بيننا؟
نحن نتحدث عن جريمة ضاع فيها حق شيخ من شيوخ الأزهر فهل نجد من ينافح عن تراثه من أصحاب الضمائر الحية؟
بل شطح بعضهم زاعما انني أهلوس وراء الشو الاعلامي عبر تشويه الرموز، وحاشا لله ان ندهس سمعة الأعيان، طمعا في غرض دنيء من أغراض الدنيا الفانية.