بالأمس كتبت مقالا أعبر فيه عن عاطفتي المهتاجة على مخذل من المخذلين الذين نالوا من عرض المقاومة المجاهدة في فلسطين، فهبط علي أناس لا أعلم من أين أتوا ولا من أين خرجوا.. أول مرة أراهم وأشاهدهم، كلهم من أصحاب اللحى والمد السلفي، كان كل همهم وكل غايتهم وكل ما يؤرق أفئدتهم ويحرق أكبادهم ويأكل صدورهم أن يردوا العدوان عن مذهبهم، ويخلوا الغبار عن منهجهم، ويبرئوا من العار تيارهم.
انتظرت من أحدهم أن يكون نبيلا ساميا ويقول: أخطأ شيخي.. لكن شيوخهم في أنظارهم ومعتقدهم مقدسة لا تخطئ.
انتظرت من أحدهم أن يقول: زلة عالم، لكن أمثالهم تربوا أن علماءهم لا يزلون.
قامت علي قيامتهم، وسنوا علي أسنانهم، وتجلى في شخصي بيانهم، لأنني نسبت قول مخذل منهم إلى الوهابية والسلفية، وذهب حالم منهم وتخيل أنني أرد على الشيخ بمقال لا علم فيه ولا فقه ولا برهان ولا دليل، مع أن قول الرجل والله لا يحتاج إلى أدلة وبرهان حتى يثبت عواره وعاره، وذهب آخر ليرميني بالأخونة، وثالث يدعي أنني علماني وغير ذلك من الاتهامات الغريبة المريبة.
لقد استأت كثيره من هذا الهجوم العاصف، ولكنه تأكد إلي أن لدى هؤلاء وأمثالهم كتائب إلكترونية، فما أن يعترضهم عارض أو ينقدهم ناقد، وإلا ويبلغ بعضهم بعضا أن تجمعوا على عدونا لنضربه ضربة رجل واحد، ويكون فريسة سهلة ولقمة سائغة، حتى يزوغ عقله من كثرة لطماتنا.
لا شك عندي أن لهم الحق كل الحق أن يدافعوا عن شيوخهم المقدسة، ولكني انتظرت من واحد منهم أن يرد خطأ الشيخ فلم أجد، انتطرت واحدا منهم من يلتاع ضميره على ثلة المجاهدين الأوفياء فلم أجد، مما يدلل لي أنهم جميعا على نفس الفكر ونفس النهج وذات الفهم.. بل مما يدلل أن هؤلاء غالبهم من انصار (جاهد بالسنن يا أبا عبيدة)
حزن أحدهم أننا نتهم من يعتدي بفتاويه على المقاومة ويتهمها بالانحراف بأنه عميل وخائن وخادم للصهيونية واليهودية؟
يا أخي لا تحزن فلا يعني أن تكون عميلا أن تتصل بالعدو وتخبرهم الأنباء، بل يكفي أن تحمل فكرا مريضا خبيثا يأكل أمتك قبل أن تأكلها سيوف أعدائها.
ليصارح كل واحد من هؤلاء نفسه، هل رد يوما على البيلي أو سعيد رسلان؟
والجواب لا
لأن هؤلاء شيوخ ينتسبون أولا وأخيرا إلى السلفية التي يجب ألا يعترض أحد على كل من دخل تحت مظلتها.
ومن الغريب أننا إذا مدحنا البعض منهم ممن تأكد لنا صدقه وحسن وعيه، لا يلتفتون إلى مدح لأنهم يرون السبة تعم الجميع دون انتقاء او تفصيل.
قلت كثيرا: إنني أدرك ولا أنكر ان الفكر السلفي فيه طائفة نجيبة واعية لا ترضى بالهوان، ولم تنحدر إلى هذا الدرك السحيق من الضلال.. لكن الغالبية فيهم للاسف، لا ترقى أن تكون في صفوف المنتصرين للإسلام فعقولهم متحجرة مقفلة.
بل أقول ما هو أكثر من ذلك والله حسبي: إن كل طعنة أعاقت مسيرة الإسلام وصحوته في أزماننا المعاصرة، لم تكن إلا من بعض التيارت السلفية التي اتسمت بالأفول والعقم والحرفية التي تجافي روح الشرع ومعلم النصوص.