يأتي الحديث عن الكلب بوكا الذي صعد الهرم الاكبر في الوقت الذي استشهد فيه بطل المقاومة الفلسطينية الشهيد يحيى السنوار.. وما كان ذلك إلا ليكشف لكل واحد منا عن همته وعزمه وحلمه وعقله.
الفجرة الذين يتحدثون عن الكلب يصورون لك انه قام بعمل بطولي خارق، بل وخاض مسارا وطنيا للترويج لسياحة بلاده، دعما للتعمية على بطولة الشهيد العظيم، وتشويشا لخاتمته النضالية التي أدمت قلوب الملايين المخلصين فرقا وحزنا على فقده، بل ادهشت الدنيا كلها لهذا الصمود الخارق، بل علمت العالم كله ما معنى القيادة الصادقة والفرق بينها وبين قيادة تحتجب خلف برجها العاجي.
تخيل أمة يكون فيها هذا المشهد البطولي الاسطوري الذي يعد اعظم وأسمى واجل مما يقدسه الغرب من حال جيفارا حينما قتل اعزلا ماسورا، ثم يأتي قطيع تافه من امتنا يلهون بأنباء الكلب، إن هذا لا يليق إلا بامة خانعة وقلوب خائنة وعقول فارغة تافهة، تستحق أن ترتع في التخلف والتراجع والهزائم الكاسحة.
إن محاولة تصدير أنباء الكلب أمام أنباء البطولة هو عمل حقير يخدم أعداءنا ويعمل على تمييع القضية في عقول المشاهدين.
البرامج المصرية تتحدث برمتها عن الكلب وعمله الخارق، ورأيت النباح الأقرع، يتحدث في برنامجه عن ملحمة الكلب بحماسة ولهفة، وكأنه يتحدث عن نصر أكتوبر.
بل سمعت أن مذيعة مشهورة تنوي استضافة الكلب في برنامجها الشهير تكريما له على ما أسداه لبلادنا من فتح سياحي عظيم، بل أخشى أن يقوم ساقط ويطالب بترقية الكلب لمنصب سياحي مهم، أو وضع صوره على طوابع البريد، او تسمية ميدان التحرير باسمه، جزاء على ما قدم لمصر.. نعم يمكن أن يحدث أكثر من ذلك، فمن طفى على السطح أناس يحملون عقول الحشرات.
ولعل هذا المشهد بالتحديد هو ما يجسد حالنا، فنحن امة كلاب لا أمة ابطال، أمة يروعها كلب في الوقت الذي يقف العالم كله تعظيما وإكبارا لموت بطل، لم يترك سلاحه حتى الرمق الأخير، الأعداء أنفسهم، لولا الحرج لصنعوا للرجل تمثالا يرمز لكفاحه، ولو أن مثله في أمريكا وأوروبا، لأقاموا له التماثيل في الميادين، لكننا أمة كلاب لا تستحق هممنا إلا ان تتعلق بالكلاب، اما الابطال فلهم عالم آخر وأمم أخرى.
كنت أجل صديقا معي، فلما وجدت له منشورا يستعظم عمل الكلب، عذرته وقلت لعل النبأ أدهشه، ولعله كان من المحزونين على السنوار، وأغفله النسيان، فتتبعت صفحته لأجد اي نبأ يرثي البطل الشهيد، فلم أجد حرفا واحدا، فتركت هذا الصديق المكلوب بلا لوم او تنبيه، لأن مثله لا يمكن ان يعي مما أقول شيئا.. فالقدر ساق لنا هذا المشهد في هذا التوقيت حتى يعرف كل منا نفسه ويقف على حقيقته.
لكنني أقول مؤكدا:
إن مجرد الحديث عن نبأ الكلب في ظل هذا الحزن العاصف على أعظم بطل إسلامي في العصر الحديث، لهو خيانة فاجرة للدين والوطن والأمة والعروبة.