ما زلنا إلى اليوم ورغم التطور الكبير والنوعي للأسلحة العسكرية خاصة البنادق، مازلنا نلمح (الكلاشينكوف) في كل مكان، معلنة ومدللة على الحضور العسكري الروسي القوي في مشاهد الصراع العالمية، والتي كان آخرها عملية (طوفان الأقصى) التي زلزلت منطقة الشرق الأوسط، وظهور مقاتلوا المقاومة وهم يحملون الكلاشينكوف الماردة.
وأنا لست خبيرا في التصنيع العسكري ولا المنتجات الحربية، ولكني أرصد بعض المعاني التي تحضرني، فمنذ أيام استمعت إلى فيلم روسي عن قصة نجاح الجنرال كلاشينكوف الذي صنع هذه البندقية العملاقة، ووجدت شبها كبيرا بين الانتفاضة الفلسطينية، التي بدأت صراعها الأول بالحجارة، وانتهائها إلى ما نراه اليوم من تطور مذهل.
العريف كلاشينكوف بدأ منذ طفولته مغرم بالبنادق يصنعها من الخشب، ولما دخل إلى الخدمة العسكرية في الحرب العالمية الثانية، بدأ يفكك الأسلحة المعطوبة عن طريق الصدفة، ويعرف عيوبها التي منعتها من الاطلاق، أغرم كلاشينكوف بتصنيع البنادق، وطرأ في ذهنه أن يصنع بندقية آلية، لتحمي بلاده وتحقق لها التفوق العسكري على أعدائها الذين يستخدمون البنادق الالية القوية، وتوصل كلاشينكوف إلى أفكاره الرئيسية وأعد رسوماته المبدئية، وأراد التنفيذ لما رآه مشروعا للأمن القومي الروسي.
بدأ من الصفر وقابلته كثيرا من العوائق، ولم يجد من يقتنع بموهبته واختراعه العبقري، وفي خضم الظلال المحبطة، ولحظات اليأس التي اكتنفته، استطاعت الصدفة أن تجمعه ببعض القاده الذين أوصوا به لبعض المصانع العسكرية، تحت باب المحاولة والتجربة، والامكان أن يخرج شئ من الشاب، لم يكن الايمان به كبيرا، لكنها كانت مجرد تجربة، وأنتج بندقيته المبدئية، لكنها لم تكن على المستوى المطلوب، اندفع لكثير من التطوير والافكار الجديدة التي تميز عمله عن غيره، فشل كثيرا وأخفق أكثر، ودخل المسابقات ولم يفز فيها، ومع مزيد من الاصرار والقناعة والايمان بنفسه وموهبته استطاع أن يصل إلى النهاية ويحقق الانجاز العالمي في بندقيته الالية..الكلاشينكوف
في هذه القصة شبه كبير مع المقاومة الفلسطينية التي كانت تحبوا ابتداء بالحجارة، وكان العالم كله يسخر من ضعفهم، تماما كما تعرض كلاشينكوف لكثير من السخرية من بعض أقراته، لكن المقاومة اليوم، جعلت من كانوا يسخرون بالأمس ينحنون احتراما وإجلالا في عالم لا يعترف إلا بالقوة.
وكما طور كلاشينكوف من نفسه، ولم يستسلم للضعف والاحباط وقلة الامكانات، كذلك فعلت المقاومة الفلسطينية، فتخطت زمن الحجارة، لتقف اليوم على إمكانات التطور العسكري المذهل الذي صار يمتلك أسلحة نوعية مرغت كرامة الجيش الذي لا يقهر في الوحل، حتى أمريكا أعتى قوة في العالم، صارت عاجزة في التصدي للتكنولوجيا العسكرية التي تستخدمها المقاومة الفلسطينية.
الفلسطينيون اليوم، لا يتسولون الأسلحة التي يواجهون بها الكيان الغاصب، وإنما صارت لهم مصانع محلية تحت الأرض، تنتج لهم الأسلحة والصواريخ والطائرات المسيرة التي غيرت موازين القوى.
تشير بعض التقريرات الاستخباراتية إلى أن الأسلحة التي تستخدمها حماس، هي أسلحة إسرائيلية قدمتها لأكورانيا تحت ضغط من أمريكا.، فيكف وصلت وكيف جاءت إلى قطاع غزة لا أحد يعلم..!
ورغم ما تحصل عليه المقاومة الفلسطينية من أسلحة نوعيةوحديثة لا يعلم أحد من أين تأتي..
رغم كل هذا... لا يهمنا إلا أن المقاومة قد ضربت أعظم مثال في الصمود وتحقيق النجاح الذي لم يعترف بالعجز والفشل والقصور، وإنما الايمان والارادة خير وسيلة لصنع المستحيل.