إنها المعالم التي ما تجمعت في مؤلف أو كتاب، إلا حاز معالم الابداع والتكامل الفني، والسمو الأدبي.
وهي ذات الخصائص الظاهرة في هذا الكتاب الذي أعاينه الآن بين يدي، ومن فرط إعجابي بما قرأت فيه من عقود صفحاته، لم أنتظر حتى أتمه لأكتب هذه السطور، التي أعلم أنها تعطلني عن شوقي لاستكمال البقية من مكتوبه، الذي سطرته الأديبة د- منى العطار Mona Attar في كتابها الجديد او مفاجأتها الجديدة، التي خرجت بها علينا هذا العام في معرض الكتاب. تحت عنوان (كشف نسا)
الدكتورة منى من هؤلاء الأديبات المتنوعات في أسلوبهن، فهي تتقن السرد الفلسفي الدقيق، وتركز على الفكرة دومًا في قصتها، وبارعة كما عرفتها إذا كتبت عن النفس ورؤى الحال والوجدان.
أحيانا تبهرني بما كتبت، وأشهد لها أنها أديبة مفطورة لها ذاتيتها ومذاق مدادها الخاص.
ولم نكن نتوقع للدكتورة منى أن تعبر بنا عالم الخيال، إلى الدراما الواقعية، لتفاجئنا بأجمل سفر يطل علينا من معرض الكتاب، في ميدان السيرة الذاتية، وخلاصة ما مرت به من مواقف مدهشة وغريبة ومثيرة من وحي وظيفتها كطبيبة أمراض نسا، فحاكت ما عرفناه قديما من مؤلف الحكيم يوميات نائب في الأرياف، أو ما كتبه صديقنا القدير المستشار الجليل بهاء المري يوميات وكيل نيابة.
منى العطار روت حكاياتها بأسلوب أدبي روائي رفيع، يجعلك تقرأ في سوق، وتتسارع بين السطور، تريد أن تتعرف بشغف على غاية الموقف ونتيجة الحدث، والذي يأتي بالغريب تارة والعجيب تارة أخرى. بل والجرئ تارة ثالثة.. فهناك مواقف مرت بها الكاتبة وعبرت عنها، خارجة عن المألوف، من طبائع الناس، مما جعل عيني تتسع حدقتها، وتنفرج شفتاي في سهو طويل، أمام مشاهد غير متوقعة، وتعامل آية في العجب والدهشة.
وضعت منى العطار عبر هذا السفر الأدبي القيم يدها على كثير من بلايا المجتمع وطبائع البشر، ورأينا معها خبرة السنين وتجارب الحياة والأيام، كتلك التي يعاينها الرحالة فيما يزورونه من بلدان، وبحكم أنها سيدة، قدر لها أن تطلع على كثير من الأسرار المصحوبة بالمصائب غير المتوقعة أو المتخيلة، مما زاد من حمأة الصفحات وما تحمله من أسرار كانت مخزونة في ذاكرة الكاتبة، تئن بها مع الزمن حتى خرجت اليوم في هذا الكتاب الأثير، الذي يحكي عجائب الحياة والنفس والإنسان.
مع أني أمام هذا الكتاب الجميل، قد رسمت صورة لمنى العطار وطبيعة ومعالم شخصيتها التي انعكست على السطور، من خلال تصرفها وتعاملها فيما مرت به من مواقف، وكان ذلك من حيث لا تدري، ولم تعمد إليه، ولكنه بدا واضحًا جليًا، ففيها قوة وشكيمة وحسن تصرف، وتحمل للمسؤولية، وحزم وجدية وإنسانية.
وكل هذا اقترن في عمل أدبي يستحق أن يقرأ ويقتنى، بل يستحق أن يحكى ويروى ويكن مضرب الأمثال والنوادر في أحوال البشر.