الخطاب القمعي العلماني والارهاب الفكري المتطرف مرفوض وغير مقبول في بلاد تؤمن بالحرية..
والكل يعلم أن العلمانيين في فترتنا الحالية لديهم من التهور والعداء وروح القمع للأفكار المغايرة لآرائهم، مالم يكن لسابقيهم الذين اتصفوا بكثير من الهدوء والاعتدال.
هذه الكاتبة معروفة بشراستها وقلمها الهائج وهجومها العنيف على كثير من الآراء الإسلامية التي لا ترتضيها ولا تتماشى مع فهمها وأفكارها، أو ربما تدعوا لكثير من الالتزام والتدين الذي لا تقبله ولا تؤمن به.
ومن خلال متابعتي لها رأيتها تناصر كل فكرة غريبة منكرة يزعم صاحبها أنها من الإسلام وأنها اجتهاد جديد يحيي الفكر والإبداع ويقف في وجه التخلف والجمود، وسبحان الله تكون كثير من هذه الأفكار الغريبة ضد الثوابت العقدية والتشريعية المتعارف عليها، وفي ذات الوقت تجد مناصرة هائلة من هؤلاء المتغربين.
ما قام به الدكتور سعد الدين الهلالي هذه المرة ليست مجرد فرقعة إعلامية، بل ألمح في الأفق إصرارا على جعل الرجل مُلهم زمانه وابن رشد عصره ومحمد عبده أوانه، مع أن قدرات الرجل العلمية والفكرية أقل من ذلك بكثير، ويمكن لأي طالب في كلية الشريعة بالأزهر الشريف أن يرد عليه ويحبط ما يتقوله من أراء شاذة غريبة.
لكن ما ضايقني كثيرا في خطاب الكاتبة هي المحاولات الدائمة لعملية استعداء الدولة ضد كل من يخالف أفكارها، واتهام من يخالفها بأنه يتبنى خطاب الإسلام السياسي.. رجل دين وداعية وقف ليخطب على المنبر ويناقش فتوى شاذة عارية من الصحة ويخالف صاحبها ويثبت عوار رأيه، وربما دفعه الحماس بعض الشيء أن يقلل من عقله ويذم توجهه المنهجي الصادم، فماذا في ذلك وما علاقته بخطاب الإسلام السياسي؟!
أمر عجيب والله..!! ثم تقول الكاتبة محذرة وزير الأوقاف أن ما فعله الخطيب والداعية لا شأن له بالصلاة، وهي جملة مضحكة تثير السخرية، وكأن السيدة لا تعلم أن كلمة صلاة الجمعة متبوعة بخطبة علمية وعظية معرفية هدفها أن تهدي الناس وترشدهم وتريهم عظمة وقيم الإسلام وسماحته، بل والدفاع عن تعاليمه وثوابته إن تطلب الأمر.
وليست صلاة الجمعة مقصورة على الصلاة كما أبدى تعبيرها المضحك.
بل إن الخطيب لو لم يناقش مثل هذا الأمر في صلاة الجمعة التي تعني طبعا خطبة الجمعة، ربما حاصره الإثم والتقصير.
ونحن اليوم نتبنى الخطاب الديني ونحمل قلمه المعبر عنه، نريد أن نستخدم نفس سلاح الكاتبة ضد خصومها لنقول: إن الكاتبة تعادي حرية الفكر التي بني عليها دستور هذه البلاد الحرة، وتستخدم التطرف في الاتهام والارهاب والقمع الفكري في ردع المخالفين لها، وهو مسلك يخالف الديمقراطية التي تقوم عليها دولتنا العلية، بل إن محاولة تأييد الكاتبة لفقيه مدعي والزعم بأنه على صواب في مخالفته للثوابت هو ضرب وامتهان لمعتقد الشعب المصري وواجب على الأزهر والأوقاف أن يواجهوا مثل هذا التطرف المقيت، الذي يناصر ويقف مع كل من يخالف الثوابت الدينية المعترف عليها، بل يخلف رأي المؤسسة الدينينة الكبرى في هذه البلاد، وقوانين المحاكم المصرية التي تعمل بها.
إذا كفرت الكاتبة بحرية الفكر وإبداء الرأي، فلن نواجهها إلا بمثل ما تبديه، وأزيد الامر توضيحا فأقول: إن هذا التوجه العلماني المتطرف القمعي وإطلاق المنابر له ليعبر عن رفضه لحرية الفكر هو خطر كبير على مسيرة النهوض والتقدم في بلادنا ووطننا.
تقول الكاتبة: "أحذر من تحويل المساجد لأوكار تطرف تستخدم لصالح تيار الاسلام السياسي وأهل الشر"
الله أكبر كل هذا البهتان والافتراء لمجرد خطيب صعد المنبر وتبنى وجهة نظر الأزهر الشريف وكل علماء المسلمين في رفضه لأقول رجل يدعي الفقه والعلم؟
صار كل من يرفض هذه الهرطقة من أهل الشر وصانعي أوكار التطرف ولسان حال الإسلام السياسي؟ ما هذا الهلع المقيت، وما هذا التطرف البغيض المجرد من التعقل والحكمة والاعتدال ووضع الأمور في نصابه المعقول واللائق بها.؟
إن هذا لا يمكن أن أصوره إلا بأنه هوس وكلام فارغ، ينبع من عقل قمعي وفكر بربري متطرف.. والقلم أمانة ورسالة، و الكاتبة تحاول أن تظهر للقراء عبر تواصل صديق وزير الأوقاف معها أن الدولة وتتبعها المؤسسات الدينية فيها تؤيدها وتعمل بنصائحها ولعل الرجل جاملها في التعبير أو وعدها بما تتصوره، لكن الأوقاف تدرك تماما تطرف هذا الخطاب القمعي ويقني أنها لا تلتفت إليه في شيء.
وبكل صراحة ووضوح نحن نستعدي الدولة والقائمين على أمنها ضد أمثال هؤلاء الذين يقفون حجر عثرة في وجه حرية الفكر وحرية الرأي وحرية الرد والتعبير والنقاش.. لأنهم يثيرون الفتن والأحقاد وهم نوع كبير من المتطرفين لا يمكن أن يقل خطورة عن التطرف الديني بل ربما يكون أسوأ وأخطر.