آخر الموثقات

  • يا أيها المُرهَق..
  • إلى هؤلاء!! 
  • الدواء علاج و خطر لنفس المرض .. لماذا ؟
  • شخصيتي الغير بريئة
  •  حوارا بين الله ونبي الله عيسى
  • خطبة الجمعة الموفقة
  • كل هذا الصخب
  • بما يدور بوجداني..
  • مرحلة الغريبين..
  • أكتوبر الأخضر.. بين ذاكرة الثورة وتحديات الحاضر
  • الوظيفة بين ضمير حي ومنظومة فاسدة 
  • ق.ق.ج/ وَشْمُ الأمانة
  • قصة قصيرة/ خطيئة المواطن المُزيف
  • رواية العلم نور - الفصل الخامس - الجزءالثاني
  • قصة قصيرة: بعينٍ واحدة على العالم
  • إنهم يعبدون الجسد
  • خبّازُ الضوء
  • لا يبرح صدر من أحب
  • الوحدة رفيقتي
  • نعم، كنتُ أنا الطرف المخطئ
  1. الرئيسية
  2. مركز التـدوين و التوثيـق ✔
  3. المدونات الموثقة
  4. مدونة حسين درمشاكي
  5. قصة قصيرة/ ملكية الرماد

 

تئنّ جذوع الزيتون العتيقة، لا من وهج الشمس ولا من سياط الريح، بل من قلبها المتآكل؛ نارٌ تلتهم ما تبقى من شموخٍ أخضر. كل ثقبٍ في جسدها المحروق فمٌ فاغر يلفظُ زفراتٍ من رمادٍ أسود، ووهجٌ أصفر يرقص كأشباحٍ راقصة. الأرض حولها مرثيةٌ صامتة؛ سوادٌ يمتدّ، كوشمٍ قبيحٍ على جبين السهل.

يرمقها الفلاح صالح من بعيد، عيناه الغائرتان تستعيدان سنينًا مديدة قضاها تحت ظلالها الوارفة، قبل أن تبتلعها تلك اللحظة المجنونة. الحريق ليس مجرد لهيبٍ عابر. كانت طعنةً في خاصرة الذاكرة، ونهبًا لأعمدة الصبر. تذكر كيف كان يجلس تحتها، يراقب حبات الزيتون تنضج، كعيونٍ خضراء تطلّ على الأفق. تذكر ضحكات أطفاله وهم يتسلقون فروعها القوية، وكيف كانت تمنحهم الظلَّ والمأوى.

يقترب صالح ببطء، خطاه مثقلةً بالأسى، كأنما يحمل جبلًا من الأحزان على كتفيه. يمدّ يده المرتعشة نحو الجذع المتفحم، فتتطاير بعض الجمرات الخفيفة، كنجومٍ محتضرة. يهمس لنفسه بمرارة: "حتى أنتِ يا صديقتي، لم تسلمي من قبح العالم".

وفي تلك اللحظة، بينما كانت أنفاسه تختنق بحرقة الدخان، يلمح شيئًا يلمع عند قاعدة الجذع. ينحني بذهول، فيجد وعاءً فخاريًا صغيرًا، وقد احتفظ ببرودته بشكلٍ غريب وسط هذا الجحيم. ترتجف يداه وهو يلتقطه. كان الوعاء ثقيلًا. يفتحه ببطءٍ شديد.

لم يكن بالداخل سوى حفنةٍ من الزيتون الأسود اللامع، الذي لم تمسسه النار بسوء. كل حبةٍ تحمل بريقًا خافتًا، وكأنها لآلئ سوداء خرجت للتو من رحم الظلام. يتملكه مزيجٌ من الدهشة والذهول. يرفع إحدى الحبات إلى أنفه، فيشمّ رائحة الأرض، ورائحة المطر، ورائحة الحياة.

وبينما يتأمل الحبات السوداء، ينبعث صوتٌ خافتٌ من داخل الوعاء، كهمسٍ أتى من أعماق الزمن. لم يكن صوتًا مسموعًا بالكلمات، بل رجفةً في الهواء، شعورٌ بالانتصار الكامن في قلب الفناء.

ينظر صالح إلى الزيتونات، ثم إلى الشجرة المحروقة، ثم إلى الأفق الملطخ بالرماد. ترتسم على شفتيه ابتسامةٌ مريرة. النيران لم تأتِ على كل شيء. بل أتت لتُعيد الميلاد.

يضع حبات الزيتون في جيبه، ويقرر أن يزرعها من جديد. ليس في هذه الأرض المحترقة، بل في قلبٍ جديد.

وحين يرفع رأسه ليلقي نظرةً أخيرة على شجرة الزيتون المحترقة، يرى شيئًا لم يكن قد رآه من قبل. من بين الثقوب المحروقة في الجذع، حيث كانت النيران تتراقص قبل قليل، تبدأ براعم خضراء صغيرة جداً، خجولة وهشة، تدفع نفسها نحو الضوء. علامات للحياة الجديدة، تنبض من قلب الموت.

صالح يدرك: هذا ليس مجرد حريق، بل تطهير. تلك النيران، التي ظن أنها قضت على كل شيء، كانت في الحقيقة بذرة لحياةٍ أخرى.

وفجأة، يتوقف الزمن. يلتفت صالح خلفه، فيرى ظلًا طويلًا يقف خلفه. ليس ظله هو. إنه أكبر وأكثر كثافة. يلتفت صالح ببطء، ليجد رجلًا يقف على بعد خطواتٍ قليلة منه، يرتدي ثيابًا سوداء قاتمة، وعيناه تلمعان كجمرٍ خفيّ. لا يحمل الرجل أي شيء، سوى ابتسامةٍ باردةٍ تكاد لا تُرى.

"أتعلم يا صالح؟" يقول الرجل بصوتٍ عميقٍ هادئٍ، يكاد يذوب في هدوء المكان المحترق، "تلك الزيتونات التي وجدتها، هي بذرة شجرتك القادمة. ولكن... هل تعلم لمن كانت تلك الشجرة في الأصل؟"

يتجمد صالح في مكانه. لا ينبس ببنت شفة.

"إنها لي، يا صالح. كانت لي، وستعود لي." يكمل الرجل بهدوء. ثم يمد يده. تحمل يده آثار حروقٍ قديمة، لكنها قوية وثابتة.

يُحس صالح بقبضةٍ باردةٍ تخنق روحه. يرفع رأسه، محاولًا أن يجد تفسيرًا أو معنى. لكن عينيه لا تريان سوى حقيقةٍ واحدةٍ مرعبة.

لقد كانت الزيتونة الأولى، الشجرة الأم، التي زرعتها يداه، ملكًا له. لكن هذا الرجل الذي ظهر من العدم، كان يمتلك كل شيء. حتى رماد شجرته المحترقة.

في تلك اللحظة، يستدير الرجل، وبخطواتٍ بطيئةٍ ثابتة، يختفي في غياهب الدخان المتصاعد. يترك صالح وحيدًا، واقفًا في صمتٍ مطبق، وشعورًا بالبرد القارس يتسرب إلى عظامه. كان الرجل قد غادر، لكن كلماته بقيت تتردد في أذني صالح، كصدىً لواقعٍ قاسٍ.

صالح، الذي ظن أنه وجد الأمل، لم يجد سوى حقيقةٍ مريرةٍ: أن النار، مهما حرقت، فإنها دائمًا ما تترك خلفها شيئًا لمن يمتلك الرماد. وأن الحياة، مهما حاولت أن تنبعث، فإنها دائمًا ما تعود ملكًا لمن أشعل الجحيم.

لم يصرخ صالح. لم يعد لديه صوت. فقط نظر إلى يده، ثم إلى جيوبه. كانت حبات الزيتون لا تزال هناك. لم تتحول إلى رماد. بقيت باردة وثقيلة، وكأنها تحمل سرًا أزليًا. يرفع رأسه مرة أخرى نحو الشجرة المحترقة، ويرى البراعم الخضراء الصغيرة. لم تذب. بقيت خجولة وهشة، تدفع نفسها نحو الضوء، غير عابئة بالظلام الذي مر بها.

لم يدرِ صالح إن كان هذا تحديًا أم مجرد وهمٍ آخر. لكنه، للمرة الأولى منذ زمن بعيد، لم يشعر بالاستسلام التام. كانت يده لا تزال قابضة على الزيتونات. وكانت البراعم الخضراء تتنفس. ربما لم يمتلك الرجل النار كلها بعد. وربما، كان هناك شيءٌ واحدٌ فقط لم يستطع أن يمتلكه... بذرة الأمل الكامنة في قلب صالح نفسه.

إحصائيات متنوعة مركز التدوين و التوثيق

المدونات العشر الأولى طبقا لنقاط تقييم الأدآء 

(طبقا لآخر تحديث تم الجمعة الماضية) 

الترتيبالتغيرالكاتبالمدونة
1↓الكاتبمدونة نهلة حمودة
2↓الكاتبمدونة محمد عبد الوهاب
3↓الكاتبمدونة خالد العامري
4↓الكاتبمدونة غازي جابر
5↓الكاتبمدونة محمد شحاتة
6↑2الكاتبمدونة هند حمدي
7↓-1الكاتبمدونة ياسمين رحمي
8↓-1الكاتبمدونة خالد دومه
9↓الكاتبمدونة ياسر سلمي
10↓الكاتبمدونة اشرف الكرم
 spacetaor

اگثر عشر مدونات تقدما في الترتيب 

(طبقا لآخر تحديث تم الجمعة الماضية)

#الصعودالكاتبالمدونةالترتيب
1↑22الكاتبمدونة سارة القصبي135
2↑21الكاتبمدونة شرف الدين محمد 210
3↑12الكاتبمدونة عزة الأمير143
4↑8الكاتبمدونة رشا ماهر111
5↑8الكاتبمدونة خولة سعيدان138
6↑8الكاتبمدونة سالي علاء الدين177
7↑7الكاتبمدونة محمود سليمان (الشيمي)157
8↑7الكاتبمدونة شيماء حسني216
9↑6الكاتبمدونة احلام السيد68
10↑6الكاتبمدونة محمد جاد90
11↑6الكاتبمدونة آيات القاضي120
 spacetaor

أكثر عشر مدونات تدوينا

#الكاتبالمدونةالتدوينات
1الكاتبمدونة نهلة حمودة1105
2الكاتبمدونة طلبة رضوان769
3الكاتبمدونة محمد عبد الوهاب703
4الكاتبمدونة ياسر سلمي670
5الكاتبمدونة اشرف الكرم586
6الكاتبمدونة مريم توركان573
7الكاتبمدونة آيه الغمري511
8الكاتبمدونة فاطمة البسريني433
9الكاتبمدونة حنان صلاح الدين426
10الكاتبمدونة سمير حماد 407

spacetaor

أكثر عشر مدونات قراءة

#الكاتبالمدونةالمشاهدات
1الكاتبمدونة محمد عبد الوهاب354551
2الكاتبمدونة نهلة حمودة209688
3الكاتبمدونة ياسر سلمي193148
4الكاتبمدونة زينب حمدي177415
5الكاتبمدونة اشرف الكرم140756
6الكاتبمدونة مني امين119397
7الكاتبمدونة سمير حماد 114258
8الكاتبمدونة فيروز القطلبي105589
9الكاتبمدونة حنان صلاح الدين103922
10الكاتبمدونة مني العقدة99854

spacetaor

أحدث عشر مدونات إنضماما للمنصة 

#الكاتبالمدونةتاريخ الإنضمام
1الكاتبمدونة بيان هدية2025-09-27
2الكاتبمدونة محمد فتحي2025-09-01
3الكاتبمدونة أحمد سيد2025-08-28
4الكاتبمدونة شيماء حسني2025-08-25
5الكاتبمدونة سارة القصبي2025-08-24
6الكاتبمدونة يوستينا الفي2025-08-08
7الكاتبمدونة منى كمال2025-07-30
8الكاتبمدونة نهاد كرارة2025-07-27
9الكاتبمدونة محمد بن زيد2025-07-25
10الكاتبمدونة ناهد بدوي2025-07-19

المتواجدون حالياً

692 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع