آخر الموثقات

  • في حضرة الميلاد.. ورفيقة الدرب
  • قلبٌ لا يُشبه القلوب
  • ق.ق.ج/ فراغٌ بلونِ الحب
  • ق.ق.ج/ نقشُ الغضبِ
  • من قاع الكنيف
  • عمة على رمة
  • كاليجولا والمستحيل
  • مؤذن على المعاش | قصة قصيرة. 
  • بكل حرف نزف من قلبي
  • عن ديوان "واحدة جديدة" لهبة موسى
  • أعتذر عن السهو 
  • الرب يحبني
  • الإبداع البليغى
  • نَجْمَةٌ لَا تُدْرَكُ 
  • شكر واجب
  • قصة قصيرة/ جسر الأيام
  • ق.ق.ج/ شعور
  • البعد والجوى
  • احلامي المعاقبة
  • بين اليأس والسكينة.. حديث العابرين على أطراف وطن
  1. الرئيسية
  2. مركز التـدوين و التوثيـق ✔
  3. المدونات الموثقة
  4. مدونة حسين درمشاكي
  5. قصة قصيرة/ خبز الحرب

في مدينة تلفظ أنفاسها الأخيرة تحت وطأة حصار لا يرحم، حيث الجدران تتآكل كأجساد أرهقها الجوع، والأزقة تئن تحت وطأة الخوف المطبق، كان يوسف يختبئ خلف رغيف ضخم، يابس كقلب جلاد قاس. لم يكن هذا الرغيف طعامًا يُرتجى، بل كان ساتراً واهيًا من وحش محدق. أسلاك شائكة غائرة في قشرته الصلبة، تحوله إلى كرة معذبة، تبتلع ببطء ما تبقى من أمل باهت.

عينا يوسف الصغيرتان كانتا نافذتين على هاوية لا قاع لها. تريان وحشية كامنة في صمت الخراب، وفي بريق الأسلحة البعيدة الذي ينعكس على الجدران المنهارة. كان الرغيف سجنه ورفيقه الوحيد في هذا العالم المتصدع. كل شظية كانت تخترق الجدار القريب، تحدث شرخًا جديدًا في قلب يوسف، وفي قشرة الرغيف اليابسة التي أصبحت مرآة لآلامه.

همس يوسف، صوته خافت كحفيف أجنحة مكسورة: "أمي، هل خبز الحرب طعمه مر كالدمع؟" لم يسمع جوابًا سوى صدى أنفاسه المتعبة التائهة في الفراغ.

فجأة، اهتز الرغيف بقوة لم تكن لقذيفة، بل كانت يد صغيرة أخرى، ملطخة بالغبار، تمتد نحوه من الجهة المقابلة. يد أصغر من يده، تحمل قطعة صغيرة من فاكهة ذابلة، كأنها آخر ما تبقى من عالم جميل. نظر يوسف بدهشة؛ كان علي، الطفل الذي فقد عائلته قبل أيام، وبقي وحيدًا يواجه مصيره.

تقاسما الفاكهة اليابسة بصمت مقدس، صمت يختزل كل مآسي الحرب وكرم البشرية في آن واحد. بينما كانا ينهشان الفاكهة المريرة، بدأ الرغيف الضخم يهتز بعنف أكبر. بدأت الأسلاك الشائكة تنغرز بعمق في داخله، وكأن وحشًا خفيًا ينمو ويتمزق من الداخل، مستعدًا للانقضاض.

ارتعبا. لم يعد الرغيف ساتراً؛ لقد كان فقاعة زمنية واهمة أوشكت على الانفجار. وفجأة، تمزق الرغيف المعذب، لا بدوي مزلزل يمزق الصمت، بل بهدوء غريب يخفي وراءه فزعًا أعظم. تحولت الأسلاك الشائكة إلى سيقان قمح ذهبية لامعة، وتفكك الرغيف اليابس إلى آلاف الحبوب الذهبية المتلألئة، انتشرت في المكان كبذور أمل مفاجئ زرعت في قلب الخراب.

وجد يوسف وعلي نفسيهما وسط حقل صغير من القمح الذهبي، ينبت من قلب الدمار الذي كان يحيط بهما. لكن المفارقة الصادمة كانت في تلك الحبوب الذهبية البراقة. لم تكن حبات قمح عادية تبشر بالخير، بل كانت "أسنان" ذهبية صغيرة، تلمع ببريق مرعب لا يوحي إلا بالمخاطر.

في تلك اللحظة، اخترق سمع الصبية صوت بعيد، لم يكن صوت قصف اعتاداه، بل صوت ضحكات مكتومة تقترب منهم ببطء مرعب. ومن بين الأنقاض المبعثرة، ظهرت وجوه شاحبة هزيلة، عيون جائعة تحدق فيهما بنظرات لم يفهمها الصغيران. كانت الوجوه تبتسم ابتسامة واسعة جدًا، تكشف عن أفواه خالية تمامًا من الأسنان، إلا من اللثة المكشوفة.

أدرك يوسف وعلي، في لحظة رعب مفاجئة كصاعقة نزلت على رؤوسهما، أن الرغيف لم يكن بذرة حياة، بل كان "فم" وحش جائع ابتلع كل شيء. وتلك الحبوب الذهبية لم تكن سوى أسنانه التي سقطت بعد أن شبع أخيرًا من وليمة لم يرها أحد. وحقل القمح الذهبي الذي ظهرا فيه لم يكن بشارة خير، بل كان آثار وليمة دموية انتهت للتو. أما الضحكات القادمة فلم تكن ضحكات إنقاذ، بل كانت ضحكات جوع جديد، تتجه نحو آخر من تبقى في هذه المدينة المكلومة.

إحصائيات متنوعة مركز التدوين و التوثيق

المدونات العشر الأولى طبقا لنقاط تقييم الأدآء 

(طبقا لآخر تحديث تم الجمعة الماضية) 

الترتيبالتغيرالكاتبالمدونة
1↓الكاتبمدونة نهلة حمودة
2↑1الكاتبمدونة اشرف الكرم
3↑1الكاتبمدونة محمد عبد الوهاب
4↓-2الكاتبمدونة محمد شحاتة
5↓الكاتبمدونة ياسمين رحمي
6↑1الكاتبمدونة ياسر سلمي
7↓-1الكاتبمدونة حاتم سلامة
8↑1الكاتبمدونة حنان صلاح الدين
9↓-1الكاتبمدونة هند حمدي
10↓الكاتبمدونة آيه الغمري
 spacetaor

اگثر عشر مدونات تقدما في الترتيب 

(طبقا لآخر تحديث تم الجمعة الماضية)

#الصعودالكاتبالمدونةالترتيب
1↑55الكاتبمدونة هبة شعبان156
2↑24الكاتبمدونة عطا الله عبد136
3↑14الكاتبمدونة سحر أبو العلا48
4↑14الكاتبمدونة محمد التجاني123
5↑13الكاتبمدونة عزة الأمير157
6↑6الكاتبمدونة حسين درمشاكي35
7↑6الكاتبمدونة اسماعيل ابو زيد83
8↑6الكاتبمدونة عماد مصباح144
9↑6الكاتبمدونة رهام معلا167
10↑5الكاتبمدونة دعاء الشاهد53
11↑5الكاتبمدونة مريم خالد191
12↑5الكاتبمدونة هبة محمد245
 spacetaor

أكثر عشر مدونات تدوينا

#الكاتبالمدونةالتدوينات
1الكاتبمدونة نهلة حمودة1090
2الكاتبمدونة طلبة رضوان769
3الكاتبمدونة محمد عبد الوهاب697
4الكاتبمدونة ياسر سلمي662
5الكاتبمدونة اشرف الكرم582
6الكاتبمدونة مريم توركان573
7الكاتبمدونة آيه الغمري507
8الكاتبمدونة فاطمة البسريني430
9الكاتبمدونة حنان صلاح الدين418
10الكاتبمدونة شادي الربابعة404

spacetaor

أكثر عشر مدونات قراءة

#الكاتبالمدونةالمشاهدات
1الكاتبمدونة محمد عبد الوهاب339000
2الكاتبمدونة نهلة حمودة196256
3الكاتبمدونة ياسر سلمي185003
4الكاتبمدونة زينب حمدي170729
5الكاتبمدونة اشرف الكرم133752
6الكاتبمدونة مني امين117540
7الكاتبمدونة سمير حماد 109786
8الكاتبمدونة فيروز القطلبي99703
9الكاتبمدونة مني العقدة96402
10الكاتبمدونة حنان صلاح الدين95744

spacetaor

أحدث عشر مدونات إنضماما للمنصة 

#الكاتبالمدونةتاريخ الإنضمام
1الكاتبمدونة منى كمال2025-07-30
2الكاتبمدونة نهاد كرارة2025-07-27
3الكاتبمدونة محمد بن زيد2025-07-25
4الكاتبمدونة ناهد بدوي2025-07-19
5الكاتبمدونة ثائر دالي2025-07-18
6الكاتبمدونة عطا الله عبد2025-07-02
7الكاتبمدونة نجلاء البحيري2025-07-01
8الكاتبمدونة رهام معلا2025-06-29
9الكاتبمدونة حسين درمشاكي2025-06-28
10الكاتبمدونة طه عبد الوهاب2025-06-27

المتواجدون حالياً

1546 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع