الإهداء:-
إلى روح الشهيد البطل علي رمضان الرياني*
منذ الليلة المشؤومة، لم يبقَ في حدقتيه سوى عبء الماضي ورغبة جامحة في الاقتصاص. "بارجة الحرية" ابتلعت أباه، تاركةً هوةً سوداء في روحه وعهدًا بالثأر. أعوامًا قضاها يقتفي الأثر. يتلمس طريقه في العتمة.تجلى أمامه الهدف في ليلة قمرها شاحب. واجه الرجلَ. لم يرَ فيه وحشًا؛ بل وجهًا مألوفًا. في عينيه لمع وهجٌ خافتٌ .- إيمانٌ أعمى بـ "الحرية" التي أزهقت الأرواحَ.
أتذكر أبي؟ همس بها، كنسمةٍ تحمل رائحة البارود العتيق. ارتبكَ الآخرُ، عبثًا حاول التذكر. نظراتُه كانت شاردةً.
ثم ببرقٍ خاطفٍ وحركةٍ واحدةٍ محسوبةٍ، أسكتَ نبضَه.
وقف ناظرًا إلى الجسد المطروح؛ وشعورُ باردُ بالزيفِ يزحفُ إلى كيانه. لمح علامةً مألوفةً مطبوعةً على ساعده. الرسمُ الذي ألفه على جلده - رمزَ "بارجة الحرية".
تجمدَ الدمُ في عروقه. ذات العلامةُ مطبوعةً على ذراعه هو الآخر، باهتةً بمرور السنين، لكنها لا تزال ماثلةً.
استبانَ له الجحيمُ. لم تكن هذه الفكرةُ المجردةُ سوى كيانٍ خفيٍ يتلاعبُ بأناسًا من دمه لتنفيذِ فعلِها بقتل أبيه. دائرةُ الخيانةِ كانت أوسعَ وأعمقَ مما تخيلَ.
قتلُه أيقظَ حنقًا دفينًا.
* ضابطٌ بالجيشِ الليبيِّ اغتالَهُ عملاءُ أمريكا.





































