كانتْ زهرةً برّيةً، تنمو في شقٍّ أسفلتيّ. تراقصتْ مع نسائمِ الصباحِ العليلةِ، وارتوتْ بقطراتِ الندى الفضّية. ظنّتْ أنّ الشمسَ أحبّتها، فمدّتْ عنقَها نحوها بشغفٍ. وفي ذروةِ ازدهارها، حينما اكتستْ بأبهى ألوانِها، فوجئتْ بظلٍّ عملاقٍ يطبقُ عليها. لم تكنْ شمسًا، بل شاحنةٌ ضخمةٌ سحقتها بلا رحمةٍ. وفي اللحظةِ الأخيرةِ، قبلَ أن تتبدّدَ تمامًا، همستْ بذهولٍ: "أكنتُ وهمًا، أم أنّ القدرَ لم يكتبْ لي سوى لحظةِ تألّقٍ عابرةٍ قبلَ الزوال؟" لم تكنْ النهايةُ، بل البدايةَ؛ فقد التصقَ عبيرُها بالأسفلتِ، يلعنُ كلَّ عابرٍ.