في ردهةٍ تئنّ من وشوشات الأسرار وأنين الإبر، استسلمت مريم لسرير الوشم. على ساعدها الأيمن، قلبٌ أُدمي، يتوسّطه "م"؛ تاريخٌ يَنزِفُ بلا صوت. ظنّت أنَّ النسيانَ قبرٌ لذاك الحب، لكنّه هبَّ من رمادِه في عيني مالك. انتفضَ الرجلُ من مقعده، بنظرةٍ فجّرت في عروقها قشعريرةَ دهرٍ مضى. لم يكن غريبًا، بل مُوشِّمَها الأخير.
"مريم؟" همسَ صوتُه، أجشَّ كصدى زلزال. أومأت، والكلماتُ قُيِّدت في حنجرةٍ يابسة. ابتسامةٌ مريرةٌ ارتسمت على شفتيه، وهو يشيرُ إلى وشمٍ باهتٍ على صدره: قلبٌ أُدمي، يتوسّطه "م". "ظننتُ أنَّني مَحَوتُكِ، فجئتُ لأرسمَ ما يمحو أثركِ." أغمضت مريمُ عينيها، ولسانُ حالها يصيحُ بصمتٍ جليديّ:
"جاءَ ليُنهي ما بدأتهُ هي."