في قبرِه الحيِّ، حيثُ تجسدت وحدته القاتمة كثقلِ السنين، وتسللُت خيوطُ الفجرِ المترددةِ عبرَ النافذةِ الضيقةِ كأنها نظراتُ عتابٍ لروحٍ تحتضر، ظلَّ أسيرًا لأثرِ أفعالِ أمسِهِ التي نقشتْ روحهُ بالندمِ الأبديِّ، فعلةٍ ما زالت مقيمة بجنباتِ ذاكرتهِ ككابوسٍ لا ينتهي. تأرجحَ قلبُهُ بينَ خوفٍ ورجاءٍ باهتٍ، بينما خيّمَ سكونٌ غريبٌ ابتلعَ حتى صريرَ الأبوابِ المعتادِ، وكأنَّ العالمَ حبسَ أنفاسَهُ انتظارًا لمصيرٍ مبهمٍ؛ أو عودةِ جلادٍ غائب. فجأةً، اخترقَ هذا الصمتَ المطبقِ صوتٌ مكتومٌ منَ الجدارِ المقابلِ: نقرةٌ خافتةٌ تلتْها أخرى، بإيقاعٍ بطيءٍ مُلحٍّ، زرعَ ارتيابًا ممزوجًا ببصيصِ أملٍ بعيدٍ، انتفضَ وعلَّقَ عينيهِ على الحائطِ المتصدعِ، متسائلًا بذهولٍ: هلْ هي رسالةٌ مشفرة تحملُ مفتاحَ خلاصهِ؟ لكنَّ النقرَ تكررَ أكثرَ وضوحًا، ليضيءَ وهْمًا خادعًا في ظلمةِ قلبهِ، ثمَّ غشيهِ هدوءٌ ابتلعهُ في مستقبلٍ مبهمِ القرارِ. لمْ يستيقظْ على زقزقةِ العصافيرِ؛ بلْ على يقينٍ قاسٍ: توبةٌ أشرقتْ شمسُها على سريرٍ باردٍ، وحكايةٌ مبتورةٌ.






































