في ذاكرتها المثقوبة، هوت صور عمرها كثقوب سوداء في نسيان متسع. كان صوته مطرقة تدق على روحها المذبوحة في زنزانتها المظلمة. جناحاها اللذان حلّقا يوماً نحو الفرح تحولا إلى سلاسل تقيد يأسها. طفولة ذابلة كزهرة سحقتها قدم عابرة. أغنية عذراء تخبو في مهب الريح. تجرعت سم الهجر قطرة قطرة. رحلت في متاهة ضلوعها كخيط أمل ينسل من ليل دامس. قلبها قبر موحش؛ تنام فيه آثارها كبذور عقيمة في تربة الوحدة. ذات يوم علمتها دفء الحياة. فرت أحلامها كطيور مذعورة من قفص محترق، تاركة فراغاً يطعنها كلما تنفست. صاحت في صمت عقيم: "في أي هاوية يبتلعك الآن يا ماضي؟". ذات فجر أسود، هوى عصفور حلمها من شجرة قلب متصلبة لم تعد تُزهر. حطم العمر كثريا من زجاج هش على بلاط عزلتها. لم يبق في عينيها من طيفه سوى ظله الذي حطم وعده كزجاج منتصراً، يرتدي ابتسامة تخترق الروح كرمح من صقيع.





































