عقارب الثواني معلّقة عند شهقة أخيرة. حيز ضيق، لا يتسع إلا لانحناءة ألم.
اصطكت زوايا الغرفة. مرآتها كشفت عن وجه شاحب تفحّمته مساحيق السهر. الهدوء الممزوج برائحة الخيبة يضغط على الصدر، أثقل من ركام.
لم تكُن تعلم أن الحبر الجاف سيصير سائلًا؛ وأن القشعريرة التي تتسلل من حافة الإحساس ستتحوّل إلى تيار دافئ ومالح. قطرة أولى فرّت من السد، شقّت طريقها على خدّ ظنّ نفسه كتلة صلبة، فتبعتها الأخريات كجيش خذل قائده.
مدّت طرف المنديل، كتلة بيضاء يائسة، لتمتص آثار هزيمة سريعة. يداها ترتجفان، إصبعها يضغط بقوة لوقف النزيف البصري، لدفن السيل قبل أن يفضحها الضوء الخافت. في كل دمعة كانت ترى وجهاً، وفي كل رعشة ذكرى. الوعد كفقاعة صابون.
رفعت عينيها الزرقاوين إلى السقف، كأنه قفصها الأخير.
المنديل تشبّع، لم يعد هناك مكان للاختباء. عندما سحبته عن شفتيها المرتعشتين، لم يكن يمسح ماء؛ طبعت عليه بصمة حبر جفّت لتوّها على ورقة طلاقها.






































