ق.ق.ج/صمت الأسلاك
كانت الأسلاك الشائكة تفصلهم. قرفصوا على الأرض بظهور منحنية كسنابل القمح التي ينتظر حصادها القاسي. في الخلف، يقف القَتَلة بوجوه خالية من أي تعبير، يدافعون عن حدودٍ زائفة بصدورهم المصفحة.
جاء الصوت كصيحة مفاجئة من داخل الإطار الأبيض الذي يغطي المشهد، لكنه كان صوتاً بلا صدى، مجرد كلمات باردة: يُرفع ستار الإثنين عن مسرحية السوط والمنجل فوق رؤوس سنابل القمح المنحني خلف الشوك.
رفع أحدهم رأسه. شيخ كبير، عيناه تلمعان بتعب آلاف السنين. لم ينطق بكلمة، مد يده المثقلة بالتجاعيد ببطء شديد، وتحسس خيوط الأسلاك. لم يرتجف جسده، ولم تسل قطرة دم. ثم، وبابتسامة مُنهكة وغريبة، نظر إلى الجندي الواقف أمامه وكأنه يرشده.
فجأة، تلاشت سنابل القمح. لم يعد على الأرض أجساد، أطياف ضوء خافتة انسحبت بهدوء عبر الثقوب الصغيرة في الشباك.
نظر الجندي إلى السلك في يد الشيخ وهو يختفي بصمت في الظلام، ثم إلى اللوحة البيضاء التي تحمل النص. لم يعد هناك أسير ليُعدم، فشيع بندقيته وأطلق رصاصة نحو النص المكتوب: الإعدام الحقيقي بدأ قبل التصويت، حينما ظنوا أن الحياة مرهونة بقانون.





































