صرخة كشظية اخترقت سكون الفجر، انطلقت من حنجرة يوسف لتمزق أزقة طرابلس العتيقة: "ستهزمون في ليبيا يا أبالسة الأرض!". صوته يتردد مع الغبار، ويستقر على جدران البيوت الصفراء المتشققة. عيناه تقدحان بشرر أسود، ويده ترتفع نحو السماء كأنها تتوعد. لكن يده لا تلمس شيئًا، ولا وجهه ينظر إلى أحد. هو وحده في شارع خال. أمامه، شاشة تلفاز صغيرة مضاءة في نافذة مقهى مهجور، تعرض نشرة أخبار قديمة عن معركة انتهت قبل عقود. يخفض يده ببطء، وينظر إلى الشاشة وكأنه يرى نهايته. يبتسم بمرارة، ثم يقع جسده المتعب على الأرض، كأنه شجرة جفت جذورها.