في مرمى الشفقِ، كانتْ نوارسَ بيضاءَ على رصيفٍ خشنٍ. واحدةٌ تجثو على حافةٍ مُتهرّئةٍ، تُديرُ رأسها ببطءٍ. قبالتَها، تحومُ أخرى، جناحٌ واحدٌ مرفوعٌ يُلامسُ الهواءَ.
خلفهما، سفينةٌ بيضاءُ عملاقةٌ تُضيءُ. رافعاتٌ حديديةٌ صامتةٌ. كانتْ الأمواجُ تُلامسُ السطحَ، تحملُ معها أوراقًا مُبلّلةً وعبواتٍ فارغةً. لمْ يكنْ على الرصيفِ أحدٌ، سوى النورسينِ ورمالٍ عليها خيوطُ الشفقِ.
نزلتْ النورسُ المحلّقةُ ببطءٍ، لمستْ بقدمِها قدمَ الواقفةِ. وبعدَ لحظةٍ، ارتفعتْ النورسُ المحلّقةُ وابتعدتْ. وعلى الرصيفِ، تركتْ قطعةَ قماشٍ بيضاءَ كانتْ مُلتصقةً بقدمِها.
ظلتْ النورسُ الواقفةُ تُحدّقُ في الأفقِ، تُراقبُ السفينةَ وهيَ تبتعدُ حتى أصبحتْ نقطةً.
وعلى الرصيفِ، بقيتْ قطعةُ القماشِ، تحركها الرياحُ.