اصطفت على الرصيفِ أشباحٌ مُرتعدة، تزاحمُ الظلَّ في عتمة الفجر. خلفَ الجُدران الصمّاء، آلهةُ المالِ تستعرضُ قوتها بتقتيرِ الفُتات. حملَ عمران حقلاً من التعب، عيناهُ تستجديانِ النافذةَ المُحصّنة. قبضتهُ على بلاستيكٍ جامدٍ، خائنِ الوعود. ستُّ ساعاتٍ من الجمود.
عندما حانَ دورُه، تقدّم. نظرَ إلى وجهِ الموظف البارد الذي أشارَ بيدهِ كقاضٍ: "صندوقُ السحبِ جفَّ. عُدْ غائبًا."
لم ينطق عمران. ظلَّ واشحًا كالرخام. أدركَ أنَّ أوجاعَ الظهرِ سببها وزنُ الوطنِ المُنهار. أخرجَ من جيبه بضعَ أوراقٍ مُهترئة، وضعها على حافةِ النافذة، وهمسَ للموظف:
"أحتفظ بها للذكرى. هي الوحيدةُ التي لم تُذلني. خذوها."
وتركَ ثمنَ الإهانة مُلقى، وغادرَ جسدهُ الخفيفُ الرصيفَ، تاركاً الجميعَ في صدمةِ التخلّي الهادئ.








































