لم تكن تحمل جرة فارغة، حملت عمرا. مسحت بكفها خط المغرب المنطبع على جبينها، وهي ترقب الغبار الذي ابتلع قريتها مرات. عينا "أمنة" -أرجوان الجفاف- لا ترمشان، تنظران إلى نقطة في الأفق لا يراها سواها. كل تجعيد في وجهها مشدود، يوثق ميثاقها مع الصمت.
تعرف أن الحفريات جفت، وأن الرجل العائد من مدينة الذهب الأشقر لن يجيء. الجدب لم يجفف الماء وحسب، سلب صوتها.
تقطرت دمعة. دمعة واحدة، صلبة كالحجر الكريم المنتزع من عمق الأرض. سقطت تلك الدمعة الباردة على يدها المتصلبة، التي ظلت طوال عام كامل مغمدة في جيب ثوبها الممزق.
فتحت كفها ببطء.
لم يكن هناك شيء يؤلمها سوى الوجع.
وعندما ظهر ما كانت تخفي: شكل سوار من فضة مصدوء، معلق به قفل صغير مكسور.
الناس ظنوا أنها تبكي فقرا أو فراقا.
هي كانت تبكي المفتاح، الذي ابتلعه الطريق.






































