في الغرفة، تكدس الصمت ثقيلًا، كأنه غبار كثيف يملأ رئتيه. أمام سالم، تشظت الأفكار كشظايا مرآة حادة عكست قلقًا قديمًا قبل أن تنكسر.
مد يده ليتلمس الجدران، فاصطدمت ببرد وخواء. لم يجد سوى غبار يثبت وجود أمانيه المغيبة. رفع ذراعيه، فارتطما بلوحة خالية على الحائط. قفص بلا قضبان، محكم كحدود اليقين. تصدعت قشرة خريف عمره، تاركة جوفًا فارغًا وراءها.
لمس اللوحة بيدين مرتجفتين. فجأة، ارتمى مستسلمًا بجسده على الحائط، فأضاءت اللوحة بوهج باهت. ظهرت شاشة عُرضت عليها حياة لم تُعش: وجه طفل لم يبتسم. قصيدة لم تُكتب، وآخر ما تبقى من صدق على مشنقة الحكمة.
مد يده نحو الشاشة، فإذا بها تتحول إلى مرآة صافية. لم يعد يرى حياته، بل رأى نفسه: وجهه المرهق، عينيه الغائمتين، ويديه المرتجفتين. لم يهرب هذه المرة. أغمض عينيه، ومد يده ليحمل الفرشاة.