الجدارُ كانَ أسودَ، أسودَ كالصمتِ. انشقَّ فيهِ تجويفٌ، لم يكنْ حفرةً، بل خريطةً من ترابٍ متصدّعٍ. في أسفلِها، جسدٌ صغيرٌ يلتصقُ بالأرضِ. لا يكسوهُ شيءٌ سوى جلدٍ يشدُّ على عظامٍ بارزةٍ. اليدُ اليمنى، مرفوعةٌ، تغطي وجهًا شاحبًا، كأنها سدٌّ يحجزُ بقايا حياةٍ عن عيونِ العالمِ.
في أعلى الخريطةِ، حيثُ تتسعُ الحوافُ، لا يوجدُ شيءٌ. فراغٌ. جدارٌ أملسٌ، صامتٌ، لا أثرَ فيهِ لأصابعَ أو أيادٍ.
قطراتُ الندى تتجمعُ على أضلاعِهِ البارزةِ، كأنها دموعٌ شفافةٌ، تلمعُ ثم تتبخرُ. الضوءُ يتلاشى بمجردِ أن يلامسَ جسدَهُ، كأنَّه يمتصُّ الحياةَ.
كلُّ شيءٍ كانَ ساكنًا، ومع ذلكَ كانَ الجدارُ يرتجفُ. كانَ الصمتُ يصرخُ. كانتِ الخريطةُ تبكي ترابًا، وكانَ الجسدُ يلتصقُ بها، وحيدًا، واليدُ المرفوعةُ لا تجدُ من يمسكُ بها.





































