انحنى الجسد، كهفًا غائرًا في ثنايا الزمن، ويدا الشيخ كالحتان، يرتعشان على عكازةٍ، كانت يومًا صَولجانَ قوةٍ، وباتت الآن رفيقةَ وهنٍ. اختفى وجهه خلف عمامةٍ بيضاء، لفّتها السنون ووشمتها الأيام. لا شيء سوى صمتٍ ثقيلٍ يبتلع الفراغ، وهمس أنفاسٍ متهدّجة. في كل انحناءةٍ، روايةٌ، وفي كل تجعيدةٍ، متاهةُ ذكرى. لم تكن العكازة مجرد خشبةٍ، بل لوحًا منقوشًا بأوجاعٍ وأفراحٍ، بانتصاراتٍ وانكساراتٍ. ألقى الزمن بثقله، لكن الروح، خلف تلك العمامة، ظلت حارسةً لوميضٍ باهتٍ من الأمل.
وفجأة... سقطت العكازة. لم تتبعها يدُ الشيخ. بل انتصبت قامته، وامتلأت عيناه ببريقٍ حادٍّ، وهو ينظر نحو الأفق. لقد كانت العكازة كلّ ما يربطه بعالم لم يعد له وجود: عالم كان يظن أنه حقيقة.