تراقص غبار القصف على إيقاع الصمود. بين ركام بيته، تتبع يوسف أثر عام من الحرب وفجيعة أرواح شهداء ارتقَت. كل قذيفة لم تهز الروح بقدر ما صقلتها.
سقط القادة تباعًا. أبو خالد: ابتسامته منبع أمل، رغم لهيب الجحيم. مريم: غيث لكل جريح، نبع لكل يائس. ظن العدو برحيلهم انهيارًا، فإذا بغزة فكرة تتجذر.
ليلة، تحت زئير المسيرات، التقت وجوه يوسفية منهكة، وعيون تتقد ببريق لم تخمده آلة الحرب. همس يوسف: "أخذوا الكثير. الإيمان باقٍ. كل شهيد بذرة."
فجر خجول. عملية أربكت حسابات العدو. لم تكن ضخمة، لكنها صرخة: غزة لا تموت. عقول صاغت من الألم إبداعًا، ومن الحصار دافعًا.
ترددت وصية والدته: "الأرض لا تخون أهلها يا بني. الصمود سلاح من يملك الإيمان." لم يكن طريقًا ممهدًا. كل يوم تحد: خبز ينال بعسر، أحبة يوارون الثرى.
لكن غزة، في عام عدوانها، أظهرت أن الصمود فعل يومي نسجته أياد. كل حبة تراب شاهدة. شعب قرر أن يكتب تاريخه بدمائه، لا ليعيش، بل ليحيا.
جاء النداء الخافت: "يوسف... دورك الآن. المحراث ينتظرك."