في البدء، كان الزبد. ثم قطعة خشب مكسورة تتراقصها الموجات. بقع زيت داكنة تتوسع ببطء، تعانق زرقة الماء كلعنة صامتة. الريح تعبث بخفقة قماش باهتة، تتمايل بيأس فوق سطح البحر اللامبالي.
بين الحطام، عينان زجاجيتان صغيرتان تحدقان في السماء الزرقاء الشاحبة، لا شيء يعكس بريق الحياة فيهما. بجانبهما، ذراع صغيرة من البلاستيك الأبيض، مبتورة، تطفو بلا حراك.
حقيبة قماشية مثقوبة تتقيأ محتوياتها: مشط ذو أسنان مفقودة يلتصق بقطعة قماش مطرزة باهتة. ورقة مطوية بإحكام، ابتلعها الملح فتشوهت حروفها.
القارب المطاطي الممزق يتلوى على الموج، شفاهه رمادية دامية. ألواح خشبية متكسرة تطفو بجانبه، تحمل خدوشاً عميقة وآثار أظافر يائسة.
فجأة، من بين الطيات المتهدلة للقارب، تظهر يد صغيرة شاحبة، أصابعها متصلبة وملتوية حول قطعة من الحبل الممزق. تشير إلى الأسفل، نحو الأعماق الزرقاء القاتمة. ثم تنزلق ببطء، تختفي في الزبد.