جدارٌ من الصوانِ الأدهمِ، مرصوصٌ كقبضةِ دهرٍ عتيقة. الأُدْمانُ الصَّدِئةُ القانيةُ تتسرَّبُ من الأساس، كنزيفِ خلودٍ مُتجمِّد.
البابُ الخشبيُّ المُعصَّفُ يتوسَّطُ كُتلةَ الصَّمْتِ الصخريّ. نَوافذُهُ دَكْناءُ لا تفضحُ شيئاً سوى العدمِ المُمْتَدّ.
ثلاثُ مَدارجَ حجريَّةٍ، مُغشَّاةٌ بحشائشِ الحلفاءِ الرميم، اعتَلَيْتُها حاملاً رِزْءَ قَرْنٍ من الأفُول.
أصابعي ارتعشتْ فوقَ الخشبِ المُسْتَبْرِد. دَفْعةٌ يَتيمةٌ... والبابُ يَنْشَقُّ على غَيْهَبٍ سَرْمَديّ.
مَدَدْتُ كَفِّي لأستشعرَ صَقيعَ الجَوْفِ السحيق، فلم أجدْ شيئاً سوى الفراغ.
أدبرْتُ راجعاً لأُودِّعَ هذا المَثْوَى.
فجأةً، التَقَطَتْ عيني التوقيعَ المُنْمَّقَ على حجرِ الزاويةِ العُلْوِيِّ الأيسرِ.
لم يكنِ الاسمُ وداعاً لشخص، كانَ تَدْشِيناً للبَيْتِ:
"وداع مصطفى".
أنا الذي جئتُ لأَبْغِي وداعاً لي، أنا الآنَ أَرْنُو إلى اسمي المَحفورِ في جَلْمَد. صِرْتُ طَيْفاً مُسْتَوْحَداً يَحْدِقُ في قَبْرِهِ المَجْهُور.





































