ارتعشَ جناحها الأيسر. ترنّحتْ. بدأتْ ريشاتها تتساقط كشظايا من قلبٍ مكسور، واحدةً تلو الأخرى، حتى استسلمَ جسدها المنهكُ لثقلِ التعبِ.
ألقى القطيعُ نظرةَ وداعٍ أخيرة. تلامست أجنحتهم في وداعٍ صامتٍ.مضوا، تاركين خلفهم فضاءً من سكونٍ ثقيلٍ.
سالتْ دمعةٌ حارقةٌ، حفرتْ شقّاً في الترابِ، لتجدَ لها ملاذاً في حفرةٍ بعمقِ الكهفِ، حيثُ تعششُ الأوراقُ اليابسةُ.
خارجَ الكهف، خطتْ خطوتها الأخيرةَ، بصمةً وحيدةً على بياضِ الثلجِ الذي لمْ يُدنسْ بعدُ.
هوتْ الشمسُ خلفَ الأفقِ، وتمددَ الظلامُ كستارٍ سميكٍ حتى التقتْ أطرافُهُ.
فجأة، جاءَ الخلاصُ.
ريشاتٌ بيضاءُ، ناصعةٌ كالبراءةِ، تحملها الريحُ. عيونُهم تبحثُ في الأفقِ عنْ بصيصِ أملٍ يلوحُ قربَ الكهفِ. أشارَ أحدهم بهمسٍ: "أظنُ أنّها هناكَ".
هرعوا، وأجنحتهم تصفعُ الهواءَ في لهفةٍ محمومةٍ، تطلقُ صرخاتِ أملٍ مكتومةٍ تملأُ المكانَ.
حين وصلوا، لم يجدوا سوى الفراغِ. حفرةَ العشِّ التي آوتها، وكتلةَ الأوراقِ اليابسةِ. لكنْ في زاويةٍ قصيّةٍ من الكهفِ، كانتْ كومةُ أوراقٍ، في قلبِها، ثلاثُ بيضاتٍ هامدة.
سمعوا صوتاً خافتاً، يأتي من أقصى الوجودِ. كانَ أنين دجاجةٍ أخرى تنادي صغارَها.