تَسَرْبَلَتْ الغرفةُ بأنفاسٍ لاهثةٍ، بصخبٍ يطغى على هدير المحيط. مع كل شهيق وزفير، كان الكون ينكفئ من حوله، يحتويه الهدوء الذي طالما نشده؛ وعَبَقٌ يتسلل كنسيم عليل لروحه الظامئة. أغمض عينيه وابتسامةٌ عذبة تكسو محياه، وهو يرى صخب العالم يتلاشى في وهج أنفاسها. وجد مقيلَه أخيرًا في هذا الهدوء الذي ابتلعه؛ لقد غدا جزءًا من صمتها الذي انطوت فيه كل لواعج الوجود وشجنه. تفتحت عيناه ببطء ليجدَ الغرفة ضامرة كالوهم، خاوية إلا من أنين أنفاسه ووجيبٍ خافتٍ يرتد في أضلاعه. أمامه، حبل المشنقة يتدلى من السقف، يتمايل في غيهب السكون الذي كان يحسبه خلاصه الأخير.