مَراسِمُ الرَّمْلِ المُعْتِمِ تَمْتَدُّ كَخَطيئَةٍ غابِرَةٍ في القِدَمِ،
غُبارُ الفَناءِ يُسْتَنْطَقُ في مَحافِلِ الصَّمْتِ،
وَطُبولٌ جَوْفاءُ تَقْرَعُ صَدْرَ المَدى الخاوي؛
فَلا يَرْتَدُّ الصَّدى إلّا شُحوباً على سُفوحِ الأَوْهامِ.
هُناكَ.. تَنْهالُ دُموعٌ جَبَلَها مِلْحُ الخَديعَةِ،
راكِدَةً في مَناقِعِ الغَدْرِ التي لا تَعْرِفُ القَرارَ.
أَتْقَنوا "رَقْصَةَ المَوْتِ" فَوْقَ جِراحِنا،
تَهَيَّبوا فَضَّ حِجابِ التَّاريخِ المُثْقَلِ بِالحَقائِقِ،
وَاسْتَعْصَموا بِبَيْعَةِ الظِّلِّ؛
تِلْكَ التي طَوَّقَتْ أَرْواحَهُمْ بِتَمائِمِ الهَلاكِ،
تَنْفُثُ سُمَّها الأَسْوَدَ في أَوْرِدَةِ الطُّمَأْنينَةِ،
وَتَمْسَخُ أَحْلامَهُمْ خَناجِرَ مَسْمومَةً تَغْرِسُ نِصالَها في خاصِرَةِ الهُوِيَّةِ.
اليَوْمَ.. تَهْتَزُّ الأَرْضُ تَحْتَ وَطْأَةِ الاسْتِصْراخِ،
تَنْقَدُّ السَّماءُ عَنْ فُرْسانٍ قُدّوا مِنْ صَخْرٍ، حُرّاسِ الضِّياءِ القادِمينَ بِمَناجِلِ اليَقينِ؛
لِيُمَزِّقوا شِباكَ الزَّيْفِ،
وَيَهْتِكوا أَسْتارَ المَكائِدِ التي نَسَجَها الظَّلامُ في غَفْلَةِ القَدَرِ.
سَقَطَتْ أَوْراقُ التّوتِ البالِيَةُ،
تَعَرَّتْ نَوايا النِّفاقِ وهيَ تَسْكُبُ رَذاذَ المَقْتِ على طُهْرِ الرِّسالَةِ.
آنَ لِغَيْثِ الزَّمانِ أَنْ يَغْسِلَ أَرْواحَنا مِنْ أَدْرانِ أَحْقادِهِمْ،
بَعْدَما تراكَمَ رُكامُ الخِياناتِ لِيَحْجُبَ سَنا الكَرَمِ الأَصيلِ.
لِتَكُفَّ أَكُفُّ السُّكارى في أَبْراجِهِمُ العاجِيَّةِ،
وَلْتَنْطَفِئْ هَواجِسُ العَرْشِ الغابِرِ؛
فَعِطْرُ الرُّجولَةِ الليبيَّةِ العَتيقِ لا تُدَنِّسُهُ حَماقاتُ العابِثينَ.
ليبيا.. نَبْضٌ يَتَحَدّى عُصوفَ الإِعْصارِ،
مَنارَةٌ تَأْبى الأُفولَ ما تَعاقَبَ النّورُ وَالعَتْمَةُ.
خَلْفَ سِتارٍ مَضْمومٍ بِالنَّزيفِ،
تَتَعانَقُ نَدَباتُ الزَّمَنِ بِأَجَنْداتِ الفَسادِ؛
تَتَوالى "الصُّدَفُ" كَلَعَناتٍ صَبَّها البَلاءُ،
ثُمَّ تَنْحَني صاغِرَةً أَمامَ هَديرِ الحَقائِقِ العاتِيَةِ.
هُنا.. يَغْدو السُّؤالُ عَنِ انْتِهاكِ الحُرُماتِ صَلاةً خاشِعَةً،
في مِحْرابِ الاسْتِحْقاقِ السَّرْمَدِيِّ.
سِيَرُ الأُمَمِ لا تُخَطُّ بِمِدادِ الزّورِ،
وَذُرى المَجْدِ مَحَرَّمَةٌ على جُفاةِ الغَدْرِ القابِعينَ في لُجَجِ الرَّذيلَةِ.
سَتَظَلُّ هذِهِ الأَرْضُ صَخْرَةً يَتَحَطَّمُ عَلَيْها وَهْمُ الانْكِسارِ،
تَنْهَضُ عِمْلاقاً كُلَّما تَوَهَّمَ ساكِنو مَمالِكِ الوَهْمِ
أَنَّ لَيْلَهُمْ قَدْ أَحْكَمَ القَيْدَ على مِعْصَمِها.
فَالحَقُّ بَتّارٌ لا يُثْلَمُ،
وَالباطِلُ هَباءٌ تَذْروهُ رِياحُ المَحْقِ،
وَالخُلودُ.. كُلُّ الخُلودِ.. لِأَطْهَرِ كَفٍّ، وَأَصْدَقِ لِسانٍ.







































