وماذا يعني إن كتبت؟!!!
يعني أنّي أقمت في القلب مملكة لا يطالها زيف، ولا يمسّها زور.
يعني أنّك نثرت ملحك على جراحك، فصارت أكثر صدقًا، أكثر حياة.
ربما تُشفى الجروح كلها، وإن لم تُشفَ،
فعلى الأقل ستتعلّم كيف تزهر فوق الندوب.
هل سترتاح الطيور من السفر؟ ربما لا،
لكنها ستجد في أغصان الحروف ملاذًا مؤقّتًا،
تغرد عليه قبل أن تمضي إلى رحلتها القادمة.
وماذا يعني إن كتبت؟!!!
القلم يعلن ما قاومته حتى قطعتُ تذاكر النسيان،
أنني خلدت لحظة كانت ستمر كالريح،
فأمسكتُ بها، وعلّقتها في سماء الروح نجمةً لا تخبو.
وماذا يعني إن كتبت؟
يعني أنّك زرعت حديقة في صحراء الوقت،
وأطلقت عطرها لينفذ إلى القلوب التائهة،
فيروي ظمأها ويحيي فيها شيئًا جميلاً كان يحتضر.
وهل سيتوب كل كذّاب؟
ربما لا… لكن صدقك سيبني دربًا جديدًا
لمن يضلّون في عتمة الزيف،
ويهديهم بصيص نور إلى حيث الحقيقة.
وهل ستُشفى كل الجراح؟
قد لا تزول، لكنها ستتعلّم كيف تتراقص مع الفرح رغم ألمها،
كيف تحتفل بكونها علامة على أنّك حي،
أنّك قاومت… وما زلت هنا.
وهل سترتاح الطيور من السفر؟
ستتوقف قليلًا لتغني على أغصانك،
تشكرك على لحظة دفء في خضم الرياح.
وماذا يعني إن كتبت؟!!!
يعني أنّك تترك أثرًا ناعمًا في عالم خشن،
توشوش الحياة سرًّا صغيرًا،
فينبض قلبك برجفة مشاعر وليدة،
لتهمس ببراءة طفل سعيد نجا من كل شيء:
«ما زلتُ أحب… رغم كل شيء».