على شاطئٍ تَهمِسُ أمواجُه بأُغنِيَةِ الليل،
وقَفَ الحُبُّ ماثلًا في عَينيهما.
هيَ تبتَسِمُ كأنَّ القمرَ استعارَ بَياضَه من ثغرِها،
وهوَ يَلمَسُ وجهَها بِيَدَينِ تَرتجِفانِ بالحنين،
كمن يَخشَى أن تَستَيقِظَ اللحظةُ وتذوب.
في السماءِ نُجومٌ تتلألأ،
لكنَّ كُلَّ ضيائِها يَتوارى أمامَ بَريقِ عينيها.
كانَ المَشهدُ أَشبَهَ بلوحةٍ مَرسومةٍ من قلوبٍ عاشقة،
حيثُ الزمَنُ يَتوقّفُ احترامًا مَهيبًا لِخُلودِ نَظرتها،
والبَحرُ يُصغي لِحديثٍ لا يُقالُ بالكلمات، بل بالعُيون.
نَسيمُ الليلِ يَمُرُّ على وَجنَتَيهما بخُطواتٍ ناعمة،
كأنَّهُ يُباركُ اللِّقاءَ بخفاء،
ويَرسُمُ على الرملِ آثارَ اللحظةِ كذِكرى أبديةٍ
لن يَمحُوها مَدٌّ ولا جَزر.
هي تُنصِتُ لِصوتِ قلبِه،
كأنَّها تَسمَعُ فيه موسيقى وُجِدَت قبلَ أن يُخلَقَ العالَم،
وهوَ يَتأمَّلُها كما يَتأمَّلُ العَطشانُ قَطرةَ ماء،
وكما يَحني الغُصنُ الأخضرُ رأسَه لِقطرةِ نَدى.
كانَ الليلُ يُطيلُ وُقوفَه احترامًا لهما،
والقمرُ يَبتَسِمُ بخَجَلٍ من فَرطِ نَقَاءِ اللحظة،
حتى المَوجُ، الذي لا يَهدَأ،
كَفَّ عن صَخَبه ليُصغي لِهَمسٍ خفيٍّ
لا تَسمَعُهُ إلّا الأرواحُ العاشِقة.
وفي قلبِ كُلٍّ مِنهُما وَعدٌ صامِت:
أن يَظلَّ هذا البَحرُ شاهِدًا،
وهذا القمرُ أَمينًا على السِّر،
وهذه الليلةُ جِسرًا يَربطُ بين الحُلمين
إلى ما لا نِهاية.