لعدد من المرات تقودني الطرقات والأذقة للعودة للبداية سنخوض المغامرة حتمًا.. ،فالمجازفة بأرواحنا ليست سهلة، إذا عدنا ..سنثبت للعالم أن سهمدون مجرد أسطورة لكن إذا لم نعد سيـ..
"هيا يا آن .. الساعة الثانية عشر سندخل الآن .."
"انتظري يا هيلانة سأحضر حقيبتي"
"هل أحضرت الكشاف الخاص بك يا جان لن نشعل الضوء حتى لا نلفت الإنتباه"
كان جان أضعفنا جسدًا يرتعد، وجسده كالثلج بليلة ممطرة في كانون الثاني فالوحيد الذي كان يصدق الأسطورة، ولكن حبه لهيلانة ولجاذبيتها وشعرها الأشقر وبياضها كبياض الثلج جعله يوافق دون تردد في القيام بالمغامرة معنا.
في منتصف الليل، شمال الصحراء دخلنا الطريق المتجه للقصر، كانت تحيطه الزهور والأشجار، ولكن بليلة كهذه غاب القمر عن معشوقته السماء تحولت الأزهار لأشباح تحركها الرياح تجاهنا بسلاسة لتفتك بنا..
كان القصر عملاق ونحن مازلنا في الخامسة عشر أقزام بالنسبة له إذا أراد لابتلعنا دون تردد ..
كان جان يلتفت يمينا ويسارًا من شدة الرهبة التي يشعر بها كان القصر محاط بتماثيل الآله الهندوسية كأنه معبد وليس قصر يهابه الناس؛ لانتشار حوله أسطورة شيطان سهمدون ..
ضحكت بداخلي لا أدرك لم البشر بهذا الغباء وسأثبت لهم ذلك بعودتنا أحياء
كانت هيلانه معها أداة لفتح باب القصر استغرقت دقائق حتى استطاعت فتحه رغم أنها فتاة ولكنها كانت دومًا أذكى من في الصف
دخلنا في حذر وفجأة سمعنا صوت كالطبول ممزوج بالصرخات سقطنا على الأرض وكتمنا أنفاسنا أنرت المصباح على مصدر الصوت فإذا غربان كانت تطير افزعها اقتحامنا مكان أعشاشها تنفسنا الصعداء.. ولكن جان فقد مصباحه عند سقوطه كنا نسير ببطء حتى قالت هيلانة انتظروا علينا قول تعويذة للحصن من سهمدون
تعجبت فلم تكن تصدق الأسطورة مثلي ولكنها أكدت أنه للحرص فقط
جلسنا علي مقاعد ملتويه، محفور عليها كلمات هندوسيه، خلفنا تماثيل لها طابع روماني كان جان لا يترك هيلانة لأنه كان يهيم بها عشقًا وايضًا لانه يريد أن يكون في محيط ضوء المصباح بعدما فقد خاصته.
أمسكت بإيدينا، طلبت أن نردد معها كلمات تعلمتها للتحصين من الشيطان سهمدون
ورددنا سويًا "سهمدون ايك راك شو سلاو" خمسة مرات على التوالي، مع إغماض أعيننا لا أدري لِمَ شعرت بحرارة شديدة فكنا نرتعد من البرد منذ قليل سمعت صرخة مدوية من هيلانه وجان فتحت عيني فإذا بحريق هائل يحيط بنا وقفت على الكرسي، صرخت أن يقفا هم أيضًا كانت النيران تزداد وتقترب رويدًا حاولت هيلانة أن تقفز لعلها تتخطى النيران امسكتها بقوة حتى لا تقدم على هذا الفعل فنظرت لي نظرة ثاقبة وشعرت بيدي تحترق أبعدت يدي، وجدت مكان إمساكي بها حروق طفيفة فقفزت، فور قفزها انطفأت النيران على الفور لا اعلم ماذا حدث؟
نظرت هيلانة لكلانا نظرة ماكرة..
اقترب جان منها يتأملها فقالت: لا عليكما أنها صدفة هيا لنكمل جولتنا، لكن سيكون اعتمادنا علي مصباحي فقط فقد ضاع مصباحها عندما كانت تقفز لتتخطى الحريق صعدنا الدرج بحذر وكان مزين هو الآخر بتماثيل هندية صغيرة وعلي الجانب الآخر حروف اسماء لا نفهم بأي لغة تسيل على الحائط بالدماء، جان لا يتوقف عن قول أنه يجب علينا الرحيل، أن سهمدون سيفتك بنا جميعًا لم ننصت إليه، صعدنا إلى الطابق الثاني يحتوي على غرفتين دخلنا الغرفة الأولى كانت كبيرة بها العديد من اللوح العالمية ومرآه عملاقة في منتصف الغرفه تلمع بطريقة مبهرة كأنها تضيء سلط المصباح عليها صورتي زاهيه وجان مازال يرتجف يتمسك بذراعي، لكن أين هيلانة؟ نظرت بسرعة بجواري كانت تقف تتأمل المكان واللوحات بعينيها نظرت مرة أخرى للمرآة وجدت المرآة تهشمت بصوت مدوي مع صدي طيران الغربان بكل مكان صرخنا بعلو صوتنا وسقطنا صرخ جان وهو يبكي كالاطفال يجب علينا الرحيل ستكون نهايتنا بهذا القصر حتمًا نظرت حولي فلم أجد هيلانة قمت فزعًا، دخلت بالغرفة وجدتها تتأمل اللوحات، هناك ايادي من نيران تخرج من اللوحه تلامس شعرها، عدت من جديد لجان، هو مازال يتحدث بسرعة بالغة أنه يجب الرحيل على الفور أخبرته أننا يجب علينا الهروب لكن من هيلانة، ليس سهمدون فقد سخرها لم يصدقني امسكته من ذراعه بالقوة، اسرعت لا اعرف أين أختبيء دخلت بالغرفه المجاورة فإذا بساعة أثرية ضخمة، الغريب انها مازالت الثانية عشر وقبل الخروج وجدت هيلانه أمامنا تقول بثبات أين تذهبون؟
اخبرها جان عن شكوكي بها فور نظرة من عينيها.
نظرت لي بحزن غاضب؛ لظلمي لها، أنها فقط القادرة على حمايتنا شعرت بحرارة كبيرة بجسدي فور نظراتها، أخبرتها يجب أن نستمر في جولتنا حتى أجد الفرصة المناسبة للهرب
صعدنا للطابق العلوي بسلم مصنوع من خشب الزهور المجففة.
كان به طاولة بلياردو، سجاد على الأرض من أرقى الأنواع كأنك تسير بممر في احتفالية رائعة محاط بسور كبير ترى نهاية الطريق، الأشجار والزهور بالاسفل أحجامها أصبح ضئيل.
وجدت جان يصرخ من جديد نظرت إليه وسلط عليه المصباح لارى ما به فإذا بذراعه ثقوب صغيرة يتساقط منها قطرات دماء بحثت عن هيلانة وجدتها تتراقص فوق طاولة البلياردو رقصة شيطانية مع نزع ملابسها، تزايد طرقات كرات البلياردو يمينًا ويسارًا، تخرج شرارات طفيفة
أمسكت بجان من جديد، اسرعنا بكل ما أوتينا من قوة، جسدي الرياضي ساعدني كثيرًا على حمل جان على الدرج لأنه كان يسقط من هول ما رأى ومازالت يده تنزف حاولت الخروج من باب القصر ولكنه كان مغلق بإحكام وبدوري فقدت مصباحي أنا الآخر فكان الظلام حالك سرت ببطء كان صوت هيلانة ممزوج بصوت مفزع ينادي (جان-آن) هيا لا تتركاني وحيدة تذكرت أني قرأت أن بالقصر طابق سفلي خاص بالخدم والمطبخ دخلت ويدي وملابسي غرقت بقطرات الدم المتساقط من يد جان وجدت الغرفة التى بها النفق، عند دخولي لها وجدت هيلانة اقتربت، كادت تمسكنا أسرعت، اخفضنا رأسنا، دخلنا للداخل كان هناك العديد من الكتب الدينية شعرت أنه كان المخبأ السري للكهنة قديمًا وضعت بعض الكتب على يد جان حتى لم يعد هناك دماء وتبدلت إلى حروق سطحية تملأ ذراعه ثم غيرت هيلانة صوتها وأصبح أكثر نعومة، قالت" جان أنا أحبك كثيرًا كيف تتركني بمفردي أنا أشعر بالخوف هيا ساعدني يا بطل"
نظر لي جان وقال بحماس يجب أن أنقذ هيلانة من براثن هذا الشيطان.
حاولت إقناعه أنها تخدعه؛ لإكمال مراسم الطاعة لسهمدون، لكنه أصر على قراره وخرج من النفق.
سمعت أصواتًا غريبة بين صرخات، ضحكات منها الناعم ومنها الغليظ ومزيج من الموسيقى الصاخبة، رائحة دخان تغيم على المكان.
شعرت أن قواي تنهار إلى متى سأظل حبيس بداخل هذا النفق؟ وكيف سأصمد بدون طعام وشراب؟ بعد قليل صمت المكان كصمت القبور لا اعلم ما الذي يحدث بالخارج وليس لدي الشجاعة للخروج كان الظلام حالك كاد يصيبني غيابات الجنون لا ارى شيئًا والمكان ضيق لا استطيع الوقوف يجب أن أسير به منحني قررت السير بعكس اتجاه الذي دخلت منه حتى وصلت لحائط عند ملامسته اكتشفت أنه باب خشبي حاولت فتحه كان شديد الصعوبة، بعد محاولات كثيرة استطعت كسره، نظرت أذا انوار تملأ المكان وصور من العصر الروماني والمسيحي ،سمعت صوت الأجراس فعلمت أن النفق يصل بي إلى كنيسة خرجت مسرعًا وجدت قسًا يجلس على منصة طلبت منه المساعدة وأنا ألهث فكانت ملابسي ممزقة مليئة بالدماء الممزوج بالتراب، سردت له ما حدث طمئني، أخبرني أن هذا القصر يملكه شيطان يدعى سهمدون يُسخر من يدخل إلى القصر، لكنه متعطش للدماء فيخدع ضحيته بالخلود لكي تقدم له قرابين من البشر أنه من أخطر شياطين الجن لانه يتلذذ بتعذيب ضحيته، السيطرة على عقلها حتى تصل للجنون أو الانتحار أخبرته أن يجب أخبار الشرطة فصديقاى بالداخل لا اعلم مصيرهما، بالفعل بعد نصف ساعة، كانت الساعه العاشرة صباحًا عادت الحياة للمكان والشمس صاحبت السماء بنورها البهيج ملأت الشرطه المكان، دخلت معهم في حذر كان المكان ساكن أنيق كأن تحيط به الملائكة صعدنا إلي الدور الثاني كانت المرآة كما هى بنفس بريقها ولمعانها لم تخدش شعرت بحيرة من أمري أكان حلم شعرت بدوار، أستجمعت نفسي قليلًا وصعدنا للدور الأخير، عمت الفوضى المكان فكان جان يقف على حافة السور حاولت إقناعه أن لا يلقي بنفسه للاسفل نظر لي بوجه شاحب وعيون بيضاء وسقط لأسفل بدون نقطة دم واحدة اعتصر قلبي مع صرخة لا اعرف منتهاها وبحثنا عن هيلانة لكن لم نجدها، بعد سعات طويلة من تحقيقات الشرطة، استدعاء والدي الذي اصطحبني للمنزل مع توبيخه لي المستمر كنت أشعر بإرهاق شديد.
اليوم التالي وجدت طرقات على باب غرفتي فتحت وجدت هيلانة تقف بكامل أنوثتها وابتسامتها الرقيقة " اعتذر يا آن لم أستطع القدوم معكما أمس فوالدتي رفضت خروجي لكن سمحت لي اليوم نستطيع أن نقوم بالمغامرة في منتصف الليل"
تراجعت للخلف في ريبة وارتعد جسدي كدت أفقد توازني حاولت تهدئتي لكن أبعدتها عني، أبيت أن تقترب مني، صرخت بوجهها لتخرج فلبت رغبتي، لم أكن بخير على الاطلاق فأصاب جسدي اهتزاز لا استطيع توقفه، ذهبت للعديد من الأطباء لم يعرف علاجي أحد حتى أخبر القس والدي أن أصابني مس شيطاني يتلذذ بتعذيبي، بعد عام من عذابي الذي لا يتوقف سمعت نشرة الأخبار " انتحار الشابة هيلانة ادوار لأسباب غامضة، كان مكتوب علي ذراعها حرفين S,Dمن الدماء،منذ عام مضى تكرر الحادث بنفس المكان لشاب يدعى جان هل هذه لعنة سهمدون؟"
شعرت بقشعريرة، زاد اهتزازي، ها أنا الآن اقف من جديد أمام القصر ماذا سيصيبني بعد؟ هل سيمسني الجنون أم الأنتحار..؟