المشهد الثالث
(في جانب المسرح: مقهى، شاشة تلفاز كبيرة، طاولات وكراسٍ، بعض الأشخاص يجلسون يحتسون الشاي ويدخنون الشيشة)
(روبير يقف في منتصف المسرح بثقة)
(يدخل جولدبيرج متوترًا، شعره واقف، يلتفت يمينًا ويسارًا في هلع)
روبير (بهدوء):
ما بك؟ أما زلت تشعر بالخوف؟! ألم ترَ بعينيك كيف أن خدشًا بسيطًا في مرآتهم أحدث أثرًا مذهلًا وسريعًا؟! فما الذي يخيفك بعد ذلك؟!
جولدبيرج (وهو ما زال يلتفت بقلق):
هل ترى شعري؟! انظر إليه... لقد انتصب من شدة الرعب!
لقد سمعت الشيخ يهمس لابنه حسن، يقول له إنه سيأتي إلى هؤلاء الشباب الجالسين في المقهى، ولن يغادر حتى يأخذهم جميعًا للصلاة!
روبير (بعصبية):
لن يفلح! تأثير كرة القدم أقوى بكثير... أضف إلى ذلك أنها مباراة "الأهلي"! سترى بنفسك.
جولدبيرج (يضع يده على مؤخرة رأسه):
وهل تعلم ماذا فعل بي ذلك الطفل حسن وأنا أقترب منه ؟!
كان أبوه منشغلًا بالبحث عن مسبحته، وما إن فتحت فمي لأحدثه، حتى باغتني الصغير بضربة على قفاي وهو يقول لي:
"استرجل وأمشي زي الرجاله!"
وهو لم يُكمل العاشرة من عمره بعد!
لا... هذا الشعب صلب للغاية... دعنا ننسحب!
روبير (بابتسامة ساخرة):
مستحيل!
وخاصة أنني قد رأيت نتائج مذهلة بنفسي...
ثم إن لديّ خطة ستجعل ذلك الشيخ يبتعد تمامًا عن كل شيء.
جولدبيرج (بخوف وتوتر):
إذا كان طفل صغير قد فعل بي ما فعل، لمجرد أن طريقتي في المشي لم تعجبه،
فما بالك بشبابهم؟! ماذا قد يفعلون؟!
روبير (باستهزاء):
لا تهتم...
فالشرارة الصغيرة قد تتحول إلى نار عظيمة يومًا ما.
لا تقلق... فقط دَع الأمر لي.
(يخرج روبير وجولدبيرج )
(يدخل "علي" و"رامي"، يرتديان بناطيل مقطعة بشكل مبالغ فيه، يسيران بثقة مبالغ فيها. من الجهة المقابلة يأتي "يوسف" ويقف مذهولًا عند رؤيتهما)
يوسف (باستنكار):
إيه ده؟! إنت لحقت تشتري بنطلون الشحاتين ده؟!
رامي (بتفاخر):
هو لاقي ياكل! أنا زهقت من زنّه فاديته واحد من عندي...
ولو إنت كمان عايز واحد، تعالى معايا بعد الماتش، نعملك "ستايل عالمي"!
يوسف (غير مقتنع):
لا يا عم... أنا مش مقتنع بيه أصلاً.
علي (ساخرًا):
إنت جاهل أصلًا! خليك كده... متخلف عن العصر، عمرك ما هتكون ترندي!
يوسف (يتنهد):
على العموم... هفكّر.
خلّينا نروح نلحق مكان قبل ما الزحمة تبدأ على الماتش.
(الثلاثة يتحركون للجلوس، يبدأون في متابعة الماتش بحماس، صوت المعلق يعلو تدريجيًا "وتمريرة رائعة ولكن... فرصة ضائعه!")
(يدخل الشيخ من طرف المسرح الآخر، يلاحظ حال الشباب – يقف للحظات يتأملهم بحسرة – ثم يقترب)
الشيخ ( صوته هادئ):
يا شباب... الفجر فاضل عليه ربع ساعة.
تعالوا نلحق نصلي، وبعدين ارجعوا كملوا الماتش براحتكم.
شاب من القهوة (بدون ما يبص):
يا شيخ... نصلي بعد الماتش. إحنا خسرانين!
شاب آخر (يرفع عينه بسرعة):
دعواتك بقى يا شيخ... ربنا يستر.
شاب ثالث (بصوت متوتر):
سيبنا الله يكرمك نركز... ده إحنا خسرانين 1-0!
يوسف (ينظر نحو الشيخ ثم نحو أصحابه):
يا جماعة... ما تيجوا نصلي وندعي ربنا نفوز.
(ينظرون لبعضهم بتردد)
(فجأة صوت فرملة سيارة قوي جدًا دخول مفاجئ لشخص يحمل جسد "حسن" الغارق في الدم ويضعه على الارض)
الشخص (بصوت مرتجف وهو يصرخ):
الحقووووني! حسن عربيه خطبته وهربت...يا شيخ
"حسن" ملقى على الأرض غارق في الدم، بعض الشباب يقفون مذهولين، آخرون يهمسون)
رامي (باندهاش يخرج موبايله بسرعة):
يا نهار أبيض... ده بينزف!
(يبدأ رامي في التصوير، يتبعه بعض الشباب بهواتفهم)
الشيخ (بهستريا):
حد يتصل بالإسعاف!!
أنا ما معاييش موبايل!
ابني بيموووت!
حرام عليكم!
بطلوا تصوير!
(يتحرك الشيخ بينهم، يحاول أن يهزّ أحدهم من كتفه، آخر من هاتفه، لكنهم كالتماثيل، يلتقطون المشهد بلا مشاعر)
الشيخ (يصرخ):
ابني بيموت يا ناس! اتصلوا بالإسعاف!
يوسف (يندفع فجأة بغضب نحو "رامي" والبقية):
إنتوا بتعملوا إيه؟!
الولد بيموووت وإنتوا بتصوّروا؟!
كفاية بقى! اتصلوا بالاسعاف بسرعة!
(يركض يوسف إلى "حسن"، يحاول حمله الشيخ ينحني بجانبه يضغط على مكان النزيف وتبدأ أصوات يوسف والشيخ تتداخل حتى تختفي ويظهر صوت المذيع من جديد
"والآن نعود .. لمتابعة الشوط الثاني!
هل سيتمكن الأهلي من تعويض خسارته، أم ستستمر السيطرة من خصمه ؟!"
(تتحول أنظار الشباب فجأة من الحادث إلى الشاشة، يجلسون من جديد)
(يوسف يحمل "حسن" بين ذراعيه، يركض خارج المسرح، والشيخ يتبعه مذهولًا)
(الإضاءة تتحول تدريجيًا إلى الأزرق، وجوه الشباب على القهوة تتلون بالأحمر، وتتحول الشخصيات إلى ستوب كادر البعض ممسك بهاتفه، البعض يضحك، البعض يصفق لهدف)
وتأتي من الخلف اصوات سريعه لازرار الكي بورد وصوت فلاشات تصوير تعلو ثم تنخفض تدريجيا حتى تختفي مع ظلام