٩
الفصل التاسع
سيكون من العبث الآن أن تضيع أحلامي، تضجر الدنيا وتغلق أبوابها في وجهي من أجل حياة بسيطة أريدها كل ما أردته أن أعيش مع شخص أحبه دون أن يصبح خائن كبقية الرجال هل هذا كثير..!
لم استطع تكملة اليوم في العمل فعقلي لم يكن معي فطلبت الخروج مبكرًا، بالفعل عدت إلى الكوخ، مع عودة الحي لهدوئه بخلاف الرياح القوية التى اغتالت المكان بصوت أزيزها القوي.
عند دخولي الكوخ كانت الفتاة نائمة لا تعرف حين تراها هل هو نوم راحة وسكون أم غيبوبة مرض؟!
فكانت علامات الحرق على جسدها يشمئز منها العدو قبل الحبيب، ملامحها التي دفنت نضارتها منذ زمن بعيد فأصبحت كالشبح في ليلة مظلمة، وعظامها البارز من ملابسها المقطعة تظن أنك تسمع صوت أنكساره بين الحين والآخر.
دخلت وجلست بجوار مسلم الذي أصبح مؤخرا يتفادى النظر لي كأن الحقد والكره سكن قلبه عينه لا تبتعد عنها يراقب أنفاسها البطيئة.
مع تنهيده تعيسة قلت: لا تقل لي أن هذه هي النهاية، هذا هو مقابل كل ما فعلته من أجلك تخونني وتحرق قلبي؟!
قال دون النظر لي: أخبرتك كثيرًا أني لم أخنك اتركي هذه الفتاة المسكينة، دعينا نعود كما كنا من قبل.
نظرت له بهدوء الذي يسبق العاصفة: ثم قمت مسرعة إلى الفتاة، أزلت قيودها التى تركت علامات جرح مكانها وأمسكتها من شعرها القصير المبعثر، ودفعتها بقوة أمامه فكاد يحتضنها عندما رأي الخوف يعشش عيونها، وأعطيت بيده سكين ثم قلت له هيا دعنا نتخلص منها؛ لنعود كما كنا.
نظر لي بهلع رافضًا أن يمسك السكينة
ثم صرخت: هيا لا تنظر لي هكذا، يجب أن تختار الآن إما أن تتركها، وتجعلها تستمر في هذا العذاب للأبد أو تنهي حياتها بيدك؛ لنعود حينها كما كنا
لأول مره صرخ مسلم وانبثقت ريح غاضبة من عينيه وقال: اتركيها وشأنها قلت لكِ لم أخنك لقد اصبحتي حية سامة تلدغ كل من حولها، أنكِ لم تحبِني يومًا أردتِ فقط أمتلاكي
أتعلمين..! نعم لم أعد أحبك بالعكس أصبحت أبغضك، وعندما تحين الفرصة سأهرب منكِ؛ لأخلص تلك المسكينة من بين يديكِ، لا أريد الحياة معكِ اقتليني أنا
ثم وضع يدي الممسكة السكين تجاه قلبه وقال: هيا أضغطي، أقتليني أريد التخلص من هذه الحياة للأبد..
تركت السكينة من يدي وهرولت غاضبة اتصبب عرقًا، أحضرت آلة حادة وقلت له أذن انت من حكمت عليها سأقطع من جسدها سأعذبها حية، وأعاهدك أني لن أتركها تموت أبدًا، ولن أخلصها من عذابي طالما حييت، سأجعلك انت من تطلب مني أن تخلصها من العذاب وتقتلها..
نظرت له الفتاة بوهن متوسلة له أن يقتلها بصوت ضعيف غير قادر على الظهور ثم امسكتها مرة أخرى من شعرها وقربت فمها من أذنه قالت بهمس: أقتلني خلصني من هذه الحياة أرجوك
دموعه حينها كانت كالنار تحرقني من الداخل
أمسك السكين بيد مهتزة وأمتزجت دموعه بالعرق الذي ملأ وجهه، كاد أن يتراجع حتى أخذت الفتاة نفسًا عميقًا وصرخت أقتلني أخترق السكين جسدها النحيل؛ لتخرج دماء هائلة تعلن عن أحتضار الروح مع صوت برق في السماء معلنًا عن أنهيار الأمطار بين طيات السحاب لعلها تنقي ما يفعله البشر في هذا العالم..
تنفست بعمق، كأني أشعر بإرتياح شديد فلا مكان للرهبة أو الندم بداخلي، أعلم منذ البداية أن هذه ستكون نهايتها، أنا على استعداد تام أن أفعل كل شيء من أجل الإحتفاظ به فلا مجال هنا لهزيمتي، تلذذت وأنا أرى الدم يغرق المكان، وكلما رأيت دموع مسلم وأسفه لها عن ما فعله أردت قتلها آلاف المرات من جديد.