الفصل الثامن
أمطارًا غزيرة تجتاح المكان كأنها تسرد على صفحات السماء عن جنون سيحدث يصفع الأزقة بلا رحمة.
تبادل الجميع النظرات المختلفة في معانيها الثابتة الإتجاة فمسلم نظراته دخيلة بين الشفقة على الفتاة وبين نظرة محطمة، منكسرة
ونظرات الفتاة دامعة خائفة يزورها بين الحين والآخر الذهول مما حدث لها
لكن أنا الوحيدة التي غرقت عيني ببحر من الهموم، الضيق، وإختناق ليس له نهاية
بدأ مسلم في الكلام بعد معركة تصبب الجميع بها عرقًا في جو بارد هوائه به لسعة حارقة وبتوسل: منار ليس للفتاة أي ذنب أتركيها وشأنها لم أعتاد عليكِ بهذه القسوة دعينا نعود لحياتنا السابقة
اجتاح عقلي أفكار سوداء، وغضب جارف أصابني كلما حاول حمايتها أقتربت منها مرة أخري كانت ترجف كعسف نخل في ليلة خماسينية أمسكت جسدها بقوة موجهة كلامي له: سأنتقم منكما على هذه الخيانة خنقتها بيدي مع محاولة مسلم تهدئتي؛ حتى أبتعد عنها حتى جحظت عيناها، وتحول لونها الوردي الشاحب إلى أزرق تركتها فسعلت بشدة، ومازالت علامات أصابعي على رقبتها.
قلت وأنا أضحك بهستريه: ليس بهذه السهولة، لن أقتلك وأجعلك ترتاحين في حين أنا أتعذب
لم تستطع الكلام فلم تفعل شيء سوى البكاء والشهقات محاولة كتمانها خوفًا مني.
بين الحين والآخر كنت ألعب بشعرها الملقى على الأرض لإذلالها
مضى ثلاثة أيام، أصبحت نظرات الفتاة سقيمة بجسد هزيل تئن تارة وتتألم من الجوع أخرى
قلت حركتها عن السابق، ضعفت محاولاتها في فك القيود والفرار
أما أنا تناولت الطعام أمامها في لذة وكنت أعطي مسلم الطعام عنوة.
حتى سمعتها تتمتم بهمس فاقتربت منها سمعتها تقول: أمي قعيدة ليس لديها أحد
سألتها عن عنوان بيتها فأجابت وقد أدركت أنها منزلها قريب جدًا من كوخي الصغير يبعد عنا بمنزلين فقط.
وضعت الشريط اللاصق على فمها وفم مسلم وخرجت متسائلة: ماذا أخبر والدتها حتى لا تبلغ عن غيابها
ذهبت وطرقت الباب فتحت لي سيدة في أواخر الأربعين قعيدة بعيون دامعة
قالت لي بضجر: كنت أظنك مريم..!
قلت لها بابتسامة كاذبة: هي من أرسلتني
نظرت لي باهتمام أكثر مع تساؤلها: أين هي فقد أخبرت جارتي وهي تبحث عنها منذ ثلاث أيام ..؟
قلت بتوتر: لا تخافي أنها صديقتي، وسنقضي بعض الوقت سويًا؛ فهي تحتاج إلى القليل من المرح، ستعود قريبًا فقد أرسلتني للإطمئنان عليكِ.
قالت الأم بارتياب: لماذا لم تخبرني أو تأتي هي للإطمئنان عليَّ؟
قلت لها محاولة تغير الموضوع: تعلمين نحن الفتيات نخشى أن ترفض أمهاتنا أن نبتعد عنهن، دعيني أحضر لكِ وجبة الغذاء
أمسكتني بعنف من يدي وقالت وهي تنظر نظرة شك بعيني: لا أحتاج شيء فلم يتركني الجيران فكل طلباتي متوفرة، أخبري أبنتي أن تسرع في العودة فقد اشتقت إليها كثيرًا.
أسرعت إلى الخارج دون النظر إليها مجددًا وأنا أقول بلسان حالي يجب التخلص من هذه الفتاة بأسرع وقت قبل أن يكشف سري أحدهم.
عدت إلى العمل فأنا في أشد الإحتياج إلى المال.
بعد مرور أسبوع واحد كان وضع الفتاة في تدهورتام.
حتى أحضرت لها وجبة، وجعلتها تتناول الطعام لأول مره فأنا لا أريد الموت لها الآن
تعمد مسلم ألا ينظر إليها لأنني أثور كلما رأيته يختلس النظر لها فأفرغ غضبي بها وبضربها بكل ما أوتيت من قوة ظهرت علامات عديدة بجسدها أثر ما أفعله بها، لكن لم أبالِ كل ما أريده أن يصبح هذا الجسد قبيح مقزز لا يحب مسلم حتى النظر إليه.
كنت أتركها بدون طعام حتى أشعر باحتصار روحها فأعيد أطعامها من جديد، أصبحت أتلذذ بتعذيبها حتى غزت الحروق، والكدمات جسدها مع ثقتي أن لا أحد سينصت لصراخها تحت الشريط اللاصق.
وبعد ثلاثة أسابيع.. كنت في طريقي إلى العمل رأيت شرطي في الحي يسأل الناس عن فتاة ضائعة، وعن صديقة لها مع وصف ملامحها، وملامحي حاولت الإبتعاد بقدر الإمكان بقلب مرتعب عن الطريق؛ حتى لا ينكشف أمري..