الجزء ٥
وبعد نص ساعة جه، خد عينة من الدم اللي على الأرض. وبعد ما خلصنا، شمّعنا الورشة بالشمع الأحمر ومشينا.
رجعت البيت… كنت هموت من التعب والجوع.
حطيت الموبايل في الشحن وقعدت آكل وأنا بفكّر: "مين اللي ليه مصلحة يقتله؟"
بعد ما خلصت، كان الموبايل شحن شوية. فتحته.
لقيت فيه أرقام غريبة متصلة بيه… بس كان فيه رقم واحد باسم "موبي" متصل بيه كتير أوي.
قعدت أسجّل كل الأسماء اللي متصلة بيه يوم الجريمة أو قبلها بيوم. أغلبهم من أهله… الاسم الوحيد الغريب هو "موبي".
لازم أعرف مين ده.
تاني يوم رحت القسم لقيت الكل جُم ومستنيين. دخلت وقعدت قدّام المكتب، ورميت على العسكري وقلت له:
– اندهلي المعاون ودكتور الطب الشرعي.
بعد شوية جه المعاون، قلت له:
– كمان شوية هنفتح تحقيق رسمي مع أهله. اكتب كل حاجة بتتقال.
قعد على مكتب صغير جنبي واستعد.
وبعدين دخل الدكتور، وقال لي:
– زي ما توقّعنا يا فندم، الدم مطابق لدم القتيل.
قلت وأنا بفكر:
– يبقى كده نسبة كبيرة اللي ارتكب الجريمة حد من اللي برّه دول.
بصلي وقال:
– بس ممكن يكون حد من زباينه اختلف معاه، والجريمة حصلت.
هزّيت راسي وقلت:
– على العموم مش عايز أسبق الأحداث، التحقيقات هتبيّن كل حاجة.
بعد ما الدكتور مشي، رنّيت على العسكري وقلت له:
– دخلي الراجل الكبير الأول.
قال:
– تمام يا فندم.
وفعلاً دخل، قلت له:
– اتفضل اقعد يا عم الحج. ياريت تقولنا اسمك وسنك وبتشتغل إيه.
قال وهو بيقعد:
– اسمي عبد العزيز جمال إبراهيم، عندي ٥٨ سنة، وكان عندي محل عطارة، بس لما تعبت أجّرته.
قلت له:
– قول لي، إيه الخلاف اللي بين بنتك وجوزها؟
قال وهو بيتنهد:
– هو إيده طويلة… أي مشكلة، يمد إيده عليها. وآخر مرة جت لي جسمها كان أزرق يا بيه. أنا حذرته كتير يبطل يضربها، وكل مرة يقول "آخر مرة" وترجع معاه، ومفيش أسبوع والتاني إلا ويرجع يضربها.
قلت له:
– وإيه السبب اللي يخليه يضربها كده؟
قال وهو موطي:
– كل ما حد من عياله يعمل حاجة غلط، يطلّع ضيقته فيها، ويقول لها: "معرفتيش تربي".
قلت وأنا بشمّر كم القميص:
– وهي غضبانة بقالها قد إيه؟
قال وهو بيبص في السقف:
– من حوالي شهر يا بيه… لما كان عايز يسجن ابنه وضربها برده، بس…
لما سكت، قلت له:
– بس إيه؟ كمل.
قال وهو باصص لي:
– سيف آه غلطان يا بيه، بس هو مكنش قاصد يعوّر أبوه. ده ندم بعدها وباس على إيده ورجله. أبوه كان ناشف شوية مع عياله، ويديهم الفلوس بالعافية، وده شاب عايز يصرف زي أصحابه.
قلت له باهتمام:
– تفتكر يكون عملها غصب عنه؟ يعني خناقة برده؟
قال وهو واقف:
– لا أبداً، ميعملهاش. ده واد غلبان، مبطّلش عياط من ساعتها. هو متهوّر، بس مش لدرجة إنه يقتل أبوه أبداً.
قولت له وأنا بشاور بإيدي:
ـ تمام، تقدر تمشي، وقول لبنتك تدخل.
وهو عند الباب رجعت قولت له:
ـ صحيح يا عم الحج، تعرف حد اسمه موبي؟
بص لي كده وحط إيده على راسه وقال:
ـ لا يا بيه، معرفش حد بالاسم ده.
قولت له:
ـ تمام، تقدر تروح.
بعد ما طلع، دخلت بنته وكانت عنيها حمرا من العياط ووشها أصفر، وقالت لي:
ـ عرفته مين اللي عملها يا بيه؟ طب هو أنا أقدر أشوفه؟ وهنستلم جثته ولا إيه؟
قولت لها:
ـ اهدي اهدي... القاتل كده كده إن شاء الله هنعرفه. ومش هتقدري تشوفيه ولا تستلمي الجثة غير بعد ما نعرف مين اللي عمل كده.
قعدت تعيط، قمت إديتها منديل وميه، وقلت لها:
ـ اقعدي استريحي.
بعد ما هديت وبطّلت عياط، قولت لها:
ـ اسمك وسنك، وبتشتغلي ولا لأ؟
قالت لي بصوت واطي:
ـ اسمي كريمة عبد العزيز جمال، عندي ٣٥ سنة، ومش بشتغل.
قولت لها:
ـ إيه الخلاف اللي خلاكي تسيبي البيت؟
وطّت وقالت لي:
ـ هو يا بيه المفروض نذكر محاسن موتانا، بس هو كان بيضربني، وعلى طول محملني مسؤولية لو اتخانق مع حد من العيال. ومش بيبطل ضرب فيهم، خلاهم عايزين يطفشوا منه.
قولت لها وأنا ببص قدامها:
ـ أنا عرفت إنه كان دايمًا بيتخانق مع ابنك... هو صحيح كان ملموم على شِلة مش كويسة؟
سكتت شوية وبعدين قالت:
ـ هو بس كان عايز فلوس زي أصحابه. ولما لقى معاه مرة سيجارة نزل فيه ضرب، كان هيموته بإيده. ولما حوشت عنه، ضربني أنا كمان. فلما سيف دافع عني، عوّره من غير قصد.
قولت لها:
ـ تفتكري عمل كده انتقام؟
قالت لي وهي بتعيط:
ـ ميعملش كده. كنت عارفة إنكم هتشُكّوا فيه بسبب الخناقة دي، بس هم اتصالحوا بعد كده وبقوا كويسين قوي.
قولت لها وأنا برجع المكتب:
ـ وانتي في الفترة اللي سبتي البيت فيها، ما حاولتيش تتواصلي معاه؟
قالت لي ولسه بتعيط:
ـ لا، كان كل كلامه مع أبويا. وساعات عيالي يتصلوا بيه ويروحوا يقعدوا معاه يوم وياخدوا فلوس.
قولت لها باستغراب:
ـ مش قولتي إنه ما كانش بيديهم؟
قالت لي:
ـ بيديهم بس قليل وبالعافية.
قولت لها بانفعال:
ـ بس أنا عندي سجل المكالمات، وأمك متصلة بيه قبل الجريمة بساعة!
بصّت لي بذهول وقالت:
ـ أنا؟! متصلتش بيه من ساعة ما سبت البيت أبدًا.
قولت لها وأنا بوريها الاتصال:
ـ أمال رقم مين ده؟ اعترفي... الإنكار مش هيفيدك.
قالت لي وهي بتبص على الرقم:
ـ مش عارفة يا بيه... والله ما كلمته. حتى اسأل أبويا، أنا موبايلي أصلاً في إيد ولادي على طول، علشان ما معاهمش موبايلات. وأنا قليل لما بمسكه.
فكرت شوية وقلت لها
– تمام، تعرفي حد اسمه موبي
قالت بتوتر
– موبي! ليه يا بيه بتسأل عليه
قلت
– لأنه في الفترة الأخيرة اتصل أكتر من مرة
قالت وهي تنظر إليّ
– ده كان عريس متقدم لبنتي وراح لحاله، بس يا بيه الكلام ده من سنة
قلت وأنا مركز معاها
– وهو فين دلوقتي؟ وليه راح لحاله
قالت
– معرفش مكانه فين دلوقتي، من سنة اتقدم لبنتي وأبوها رفض علشان لسه صغيرة، وقال له لما تكبر شوية نشوف
قلت باستغراب
– بس غريبة، لما سألت الوكيل عنه قال ما يعرفش حد بالاسم ده
قالت
– ما هو كان يعرف إن في عريس متقدم لبنتي واترفض، بس ما يعرفش الاسم
قلت وأنا باصص في الأرقام على الموبايل
– تمام، تقدري تروحي دلوقتي وتدخلي بنتك
مشت، وبعد لحظات دخلت بنتها لابسة إيشارب صغير وبلوزة وجيبة، ولسه بترتعش
قلت لها
– اقعدي، تحبي أجيبلك عصير
هزت رأسها بالرفض
قلت
– ياريت تقولي اسمك وسنك وفي سنة كام
قالت بصوت مهزوز
– فريدة، عندي 17 ومخلصة دبلوم
قلت
– ياترى علاقتك بوالدك كانت عاملة إزاي؟ احكي بصراحة