قلت لها وأنا ببص لها: "اتفضلي، اعدي وقوليلي اسمك وسنك ولو بتشتغلي عرفيني بتشتغلي ايه ؟."
قالت وهي بتفرك في إيدها: "اسمي حبيبة محسن، عندي ٢٠ سنة، وبشتغل في حضانة."
قلت لها وأنا بسند على المكتب: "علاقتك إيه بالمجني عليه؟"
قالت بتوتر، وكان باين ازي في كلامها : "طليقي وأبو ابني."
قلت لها، وأنا بفكر : "مش صغيرين أوي على إنكم تتجوزوا وتخلفوا، وكمان توصلوا للطلاق؟"
قالت وهي موطيه راسها: "نصيب يا بيه. أبويا طلعني من التعليم وجوزني سعد علشان عنده أملاك وكده، بس كان غشيم وبيضربني. ما تحملتش. بعد سنة، اطلقنا وابني كان لسه مولود على دراعي."
قلت لها وأنا بطلع سيجارة: "مطلقين من قد إيه يا حبيبة؟"
قالت لي وهي بتفكر وكأنها بتحاول تفتكر التفاصيل: "من حوالي ٦ شهور يا بيه."
قلت لها وأنا مركز في عينها، علشان أشوف رد فعلها : "أمه قالت إنك مكنتيش راضية تخليه يشوف ابنه."
ردت بانفعال، وكان واضح إن الغضب مالي قلبها: "منها لله هي السبب. كل ما يحن علينا علشان يرجعنا، تشعللها. حسبي الله ونعم الوكيل فيها."
قلت لها وأنا بأكد: "بردو ما قلتليش، المشاكل بينكم وصلت إنك تحرميه من ابنه؟"
قالت لي وبدأت تعيط: "هو مكنش راضي يصرف عليه يا بيه. وفي مرة جيت أورهوله، كان هيخطفه مني لولا إني صوت ولميت الناس علشان أخد ابني وأمشي."
قلت لها وأنا بكتب ملاحظات في الدفتر: "إيه السبب اللي كان بيخليكي تروحيله كل شوية للمحل؟"
قالت بتردد وكأنها مش عارفة تبرر: "محصلش."
قلت لها بعصبية: "إزاي محصلش؟ أمه والجيران شاهدين عليكي كل شوية تروحي ليه للمحل وتتخانقي معاه."
قالت وهي بتكمل عياط، وبتحاول تبرر كذبها : "يا بيه، ابني كل شوية كان بيتعب، وأنا من الزعل ما بقيتش عارفة أرضعه. وبجيب له لبن جاهز، ومصاريفه كتير. وهو مش عايز يدفع جنيه. كنت مضطرة أروح اطلب منه مصاريف ابني كنت هعمل ايه أسرق يعني ولا أعمل إيه؟"
قلت لها بسخرية، علشان أضغط عليها أكثر: "أمال أنكرتي ليه في الأول؟"
قالت لي بخنقة وتوتر : "أنا متوترة وخايفة. نسيت، حسا إني في كابوس و ابني اللي بقى يتيم وهو لسه صغير، كل ده خلاني أنسى."
قلت لها، وأنا مش قادر أصدق: "آه، نسيتي. وياترى بقى نسيتي كمان إنك ممكن تكوني قتلتيه في وسط خناقة علشان رفض يديكي مصاريف لابنك؟"
وقفت وقالت وهي مصدومة: "قتل إيه يا بيه؟ لا لا محصلش. أنا مستحيل أعمل كده أبداً."
قلت لها بسرعة قبل ما تفكر : "قوليلي يا حبيبة، كنتي فين امبارح الساعة ٣ الصبح؟"
قالت بصوت مهزوز: "الساعة ٣ كنت نايمة يا بيه، هكون فين يعني في الوقت ده؟"
قلت لها: "تمام. عندك شهود على كده؟"
قالت لي وهي تمسح دموعها: "أيوه يا بيه، أهلي، أبويا و أمي وأخواتي التلاتة الصغيرين، كلهم."
قلت لها وأنا بفكر: "فيه حد منهم معاكي بره؟"
قالت لي وهي بتبص على الباب بتوتر: "أيوه، أبويا بره."
رنيت على العسكري، ولما دخل قلت له: "فيه راجل بره كان جاي معاها، دخلهولي."
هز راسه وطلع، وبعدها دخل راجل لابس جلابية، طويل وأبيض.
قلت له من غير مقدمات، وعيني مركزه على رد فعله : "قولي يا حج، بنتك كانت فين الساعة ٣ الصبح امبارح؟"
بصلي بعينين مهزوزة وتوتر وقال: "هتكون فين يعني يا بيه؟ في البيت نايمة."
قلت له وأنا قابم ووقفت قدامه: "متأكد يعني؟ شوفتها بعينك؟"
قال: "أيوه يا بيه، شوفتها. أمال إيه؟ كانت نايمة."
قلت لهم وأنا راجع المكتب، بثوت هادي: "بنتك يا حج، أكتر واحدة التهمة لبساها بسبب الخلاف اللي كان بينها وبين المجني عليه. فياريت تنصحها تعترف. أحسن لها. علشان اعترافها ده هيخفف عليها الحكم."
قالت لي وهي بتصوت: "تهمة إيه بس يا بيه؟ أنا معرفش حاجة، وكنت نايمة، ومليش دعوة. حرام عليكم."
رد أبوها وقال: "يا بيه، أنا بنتي غلبانة. هو اللي مفتري، مرحمهاش لما اتجوزها. وكان كل يوم والتاني ينزل فيها ضرب، ولما طلقناها منه، رفض يصرف على ابنه."
قولت له: "للأسف يا حج، الدوافع عند بنتك وعندك قوية لارتكاب الجريمة. أنتم في الفترة اللي جايه محتاجين محامي، علشان لو التحقيقات خلصت على الوضع ده هتكونوا في موقف صعب جداً."
مسكت إيد أبوها وقالت: "أنا بريئة يا بيه، وبقالي أسبوع مشفتوش ولا رحت عنده أصلاً."
قولت لها (وأنا برن الجرس للعسكري): "كل حاجة هتبان، بس زي ما قولتلكم، حضروا محامي من دلوقتي. تقدروا تمشوا دلوقتي، بس في أي وقت أطلب فتح التحقيق معاكم تيجوا فوراً."
مشيوا وكان العسكري واقف مستني. قلت له (وأنا ماسك دماغي): "هموت من الصداع، عايز كوبايه قهوة سادة كبيرة ودخلي الفكهاني."
بص لي وقال: "تمام يا أفندم" وخرج. بعد شوية، دخل راجل أسمر، طويل وعريض، ولابس جلابية، وشعره أبيض.
شاورت له بإيدي علشان يعد وقلت له: "اسمك وسنك؟"
قال بصوت قوي: "اسمي حسنين محمد، عندي 40 سنة."
قولت له (وأنا لسه ماسك دماغي): "علاقتك إيه بالمجني عليه؟"
قال بصوت أهدى: "كنت مأجر منه الدكان وفتحته محل فاكهة."
قولت له: "مأجره منه بقالك قد إيه؟"
قال بانفعال: "أنا كنت مأجره من والده من زمان، وكان بيراعيني في الإيجار علشان عارف إن الحال واقف وإن البيع مش قد كده."
قولت له (وأنا بأخذ القهوة من العسكري): "ولما والده توفى، إيه اللي حصل؟"
قال بضيق: "كل شوية ينطلي عايز يرفع الإيجار. في الأول وافقت، بس مكنش بيعجبه حاجة. كل سنة عايز يرفع أكتر."
قولت له (وأنا بشرب القهوة): "وبعدين، إيه اللي حصل؟ وافقت ولا لأ؟"
قال وهو بيشوح بإيده: "لا، ما وافقتش. ما ينفعش، الكلام ده ما يرضيش ربنا. كل شوية عايز يرفع الإيجار."
قولت له (وأنا بسجل كلامه): "والأسبوع اللي فات، فيه ناس شهدوا عليك إنه كان فيه بينكم خناقة كبيرة."
قال وهو موطي: "كان جاي لي وبيهددني إنه لو ما دفعتش اللي هو عايزه هيطردني من المحل. وبردو، يا بيه، ما يرضيش ربنا إنه يقطع عيشي. أنا راجل عندي عيال."
قولت له (وأنا حاسس إنه خلاص هيعترف): "طبعاً معاك حق تضايق، كان لازم تخلص منه خالص قبل ما يطردك ويشرد عيالك."
قال بانفعال وهو بيقف: "لا يا بيه، أنا اتخانقت معاه صحيح وهددته، بس كله كلام وقت زعل. أنا عمري ما أعمل كده، إكراماً لابوه لأنه كان رجل طيب."
قولت له (وأنا واقف وماسك السيجارة): "كنت فين الساعة 3 الصبح؟"
قال بتردد: "كنت على القهوة اللي اول الحكمه يا بيه."
قولت له باستغراب: "متأخر كده؟"
قال: "طول النهار بيبقى طالع عيني في الشغل، بروح عن نفسي شوية، ودي القهوه اللي في الحي اللي بتفتح للصبح "
قولت له (وأنا لسه واقف): "وياترى بقى فيه شهود على كده؟"
قال بتأكيد: "أيوة يا بيه، القهوجي وأغلب اللي في القهوة عرفني."
قولت له: "تمام، فيه عسكري هيروح معاك دلوقتي. عايز منك بس تديله سكينة تقطيع الموز، وبالمرة هيسأل الناس اللي في القهوة والقهوجي على صدق كلامك."
قال بصوت مهزوز ووشه أصفر: "سكينة إيه يا بيه اللي عايزها؟"
قولت له (وأنا مبتسم): "معلش، محتاجها ضروري. لو معندكش مانع يعني، وهبقى أجيبلك غيرها."
قال بتوتر: "أصل يا بيه، أنا فتحت المحل الصبح، ملقتهاش."
بصيت له باستغراب وقولت: "ده اللي هو إزاي؟ ومين هيسرق سكينة موز؟"
قال وهو مشبك إيديه: "ماعرفش يا بيه، بس فتحت المحل ملقتهاش، وقلت اتلاقيها وقعت ولا ضاعت، وكنت هجيب غيرها."
قولت له بانفعال: "إنت بتهزر ولا إيه؟ إنت متخانق مع المجني عليه، ومن المشتبه فيهم في قتله، وأداة الجريمة اللي شاكين إنه اتقتل بيها مفقودة، ده اسمه تهريج!"
قال وهو بيرتعش: "والله يا بيه، ده اللي حصل. وأداة إيه بس اللي اتقتل بيها؟ أنا معرفش حاجة، أنا قلت كل الصراحة وكل حاجة حصلت بالتفصيل."
رجعت للمكتب وكتبت " يحال المتهم حسنين محمد للنيابه العامه يوم السبت الموافق ١٥-٥ ـ٢٠٢٤ بناء على التحقيقات في جريمه قتل سعد