أدركتُ يومًا أن الوحدةَ لم تكن ضيفًا عابرًا في حياتي، بل رفيقةً تأبى أن تفارقني.
أبغضها كثيرًا، وأتمنى بكل ما في قلبي أن أرحل عنها،
لكنني كلما حاولت الابتعاد خطوةً واحدة، عاقبتني روحي بألمٍ لا يُحتمل.
أقترب من الناس مُثقلة الوجدان، أُغرق نفسي في التماس الأعذار،
أبحث عن بارقة حبٍّ توقظ ما خمد داخلي،
فتبدو البدايات واعدة، مُختلفة،
غير أن النهايات تتشابه دومًا؛
هجرٌ موجع، وانكسار يتركني وحيدةً بأبشع صورة.
أتألم، وأجمع شظايا قلبي بيدي المرتجفتين،
ثم أعود إلى صمت وحدتي.
أعتذر لنفسي عن خيباتي،
وأحاول أن أُرمم قلبي بحنانٍ لا يمنحه أحد سواي،
ثم أمزق ما تبقى من قصائدي
لأضيع بين صفحات كتابٍ بلا عنوان،
وحروفٍ شاردةٍ لا تعرف مصيرها.
أضحك ساخرةً من نفسي،
وأتأمل تلك البسمة الباهتة التي غدت غريبة عني، لا بيت لها ولا عنوان.
فأعانق وحدتي كما يُعانق الغريب غربته،
وأحتضن دمعةً صارت أعز أصدقائي.
لم يعد في ملامحي جمال،
ولا في ابتسامتي حياة،
غير أنني ما زلتُ أتنفَّس بين السطور،
وأكتب وجعي كأنني أكتب آخر ملامح للحياه.