قلتله وأنا بشرب القهوه: واخته اللي بلغت فين دلوقتي
قالي وهو بيا القهوه من على المكتب: لسه في المستشفى هي صيدلانية.
حطيت إيدي على دقني وأنا براجع كل حرف في دماغي وقولتله: اديني عنوانها ورقمها.. وسيب الباقي علينا. أنتوا كملوا الفحوصات، وأنا هبدأ من هنا.
قالي وهو بيديني الملف : هنا كل التفاصيل. خد بالك بس.. ممكن نهاية الحكاية تطلع موتة طبيعية.. وأنا هبقى سعيد لو ده اللي يحصل. لأن غير كده.. هنبقى قدام قصة مش سهلة.
قلتله وأنا باخد الملف: أنا هبعت معاك عسكري علشان يجيبها ونبدأ معاها ونشوف هنوصل لإيه.
قال وهو بيقف: كويس جدًا. وأنا هروح أكمل فحوصات أكتر، يمكن ساعتها ألاقي الدليل اللي محتاجينه.
قلتله وأنا بسلم عليه: ثقتي فيك يا دكتور ملهاش حدود. وسواء كانت جريمة فعلًا أو موتة طبيعية، المهم ضميرنا يكون مرتاح إننا عملنا كل اللي علينا.
ابتسم وقال: معاك حق.. هو ده هدفنا.
رنيت على العسكري، ولما دخل قلتله: روح مع دكتور محمد المستشفى، هناك هو هيعرّفك على واحدة.. هتجيبها وتيجي بيها.
العسكري مشي مع الدكتور وأنا قعدت أفكر في كلامه. فتحت اللاب توب وبدأت أبحث على النت: هو ينفع فعلًا حد يموت من غير سبب؟ ولا ده شيء مش منطقي؟
وبعد ساعة، لقيت الباب بيخبط. العسكري جه وقال: البنت اللي قولتلي أجيبها واقفة بره يا أفندم.
قلتله وأنا بقفل اللاب توب: تمام.. دخلها. ومش عايز أي حد يقاطعني وأنا في التحقيق.
قال وهو ماشي: حاضر يا أفندم.
دخلت بنت لابسة كاجوال، وأول ما دخلت قالت بانفعال وهي بتعيّط: هو يا فندم مفيش أي احترام لحرمة الميت؟! أخويا لسه ميت من ساعات ومفيش أي تقدير لده! حرام عليكم. تحقيق إيه اللي هتعملوه معايا؟ الدكتور نفسه قال إن مفيش أي شبهة جنائية! لزومه إيه بقى ده؟! حتى إكرام الميت دفنه. مش كفاية زعلي على موت أخويا الوحيد؟ ده أنا مليش غيره بعد وفاة والدي الله يرحمه!
قولتلها بهدوء وأنا بشاور لها تقعد: اهدي بس.. كل الموضوع إجراءات روتينية لازم تتعمل. هناخد منك إجابة كام سؤال وهتمشي.
قالتلي بعصبية وهي لسه بتعيط: هو كل واحد يموت في البلد بتعملوا تحقيق مع أهله؟! أنا باعترض. ولو الدكتور فضل رافض يديني تصريح الدفن من غير وجه حق.. أنا هقدم فيه بلاغ. اللي بيحصل ده تهريج.. وأنا مش هسكت!
خبطت على المكتب وقلت وأنا متعصّب: ياريت تقعدي بقى علشان نخلص شغلنا بسرعة، وتروحي تدفني أخوكي. يا إمّا أنا اللي هعملك محضر برفضك الإجابة على الأسئلة، وده هيضعف موقفك. فاهدّي كده.. وياريت تسهّلي علينا شغلنا.
بصّت لي وهي بتمسح دموعها وقالت: موقف إيه اللي هيضعف؟! هو أنا هنا متهمة؟! إيه المعاملة دي؟
حطيت إيدي على وِشي علشان أهدى وقلت لها: يا أستاذة، لو سمحتي بلاش توصّلي الأمور لحِتّة مش هتحبيها. هم كام سؤال وهتمشي.
قعدت وهي بتتنهد: اتفضل اسأل.
قلت لها وأنا بمسك القلم: أيوه كده. خلينا نتفق أحسن. دلوقتي قوليلي.. اسمك وسنك ووظيفتك ومتجوّزة ولا لأ؟
قالت وهي بتطلع منديل من شنطتها: اسمي آية جمال. صيدلانية. آنسة. وعندي 30 سنة.
قلت وأنا بكتب: طيب.. إيه اللي حصل النهاردة بالظبط؟ من أول اليوم لحد ما شفتي أخوكي متوفي؟
قالت وهي بتحاول تلم نفسها: أنا صحيت الصبح لقيته نايم. قُمت، لبست ونزلت أفتح الصيدلية بتاعتي، هي بعد بيتنا بشارعين. على الساعة تلاتة كده رجعت، بفتح الباب لقيته واقع على الأرض. ندهت عليه مردش... اتخضّيت واتصلت بالإسعاف فورًا.
قولتلها وأنا مستغرب: طب ما فكرتيش كصيدلانية تشوفي ماله؟ يمكن حاجة بسيطة.
سكتت شوية، وبعدين قالت بانفعال واضح: يا أفندم، ده أخويا! لما شُفته كده، عقلي وقف عن التفكير تمامًا، واتوترت جدًا. وبصراحة، أسئلة حضرتك فيها تلميحات مش مريحة.
قولتلها وأنا بكتب في الورق اللي قدامي: زي ما قولتلك، لازم نسأل كل اللي ليهم علاقة بأخوكي، ده شغلنا.
مسحت وشها بمنديل وقالت بنبرة فيها قهر: الدكتور نفسه قال مفيش أي سبب خارجي للوفاة! يعني هنعترض على قدرة ربنا؟ طب ما أنا والدي توفى ومعملتش كده ليه؟
سألتها بهدوء: طيب، إيه سبب وفاة والدك يا دكتورة؟
قالت بضيق: والدي كان مدخن وجاله جلطة، هي اللي تسببت في وفاته.
قولتلها وأنا مركز في كلامها: هو ده اللي بنتكلم فيه، أخوكي جسمه سليم مية في المية، مفيش أي أثر لمرض أو تعب.
قالت بعصبية: حضرتك هتعترض على حكم ربنا يعني؟
ابتسمت وأنا باخد كباية الشاي من العسكري وقلت: ونعم بالله، انتي هتكفرينا ولا إيه؟ بس برضو ربنا اللي خلق الأسباب، وإحنا لازم نفهمها. ولو بعد كل الفحوصات ما لقيناش سبب واضح، ساعتها نعتبر حالته نادرة. بس لحد ما ده يحصل، التحقيق لازم يكمل، وعايزك تساعدينا.
بصّتلي باستغراب وقالت: أساعدكم إزاي يعني؟
قولتلها وأنا برشف الشاي: قوليلي، أخوكي كان ليه أعداء؟ حد مضايقه أو اتخانق معاه الفترة الأخيرة؟
فكرت شوية وقالت وهي بتتنهد: هو كان ناوي يخطب بنت، بس بابا الله يرحمه مكنش راضي عنها. وبعد وفاة بابا، شُفته مرة بيكلمها في الشارع، وكانت بتعيط، ولما سألته عنها، رفض يقول أي حاجة.





































