عندما تنهار قواك، وتخونك القوة التي كنت تتظاهر بها،
تصبح ابتسامتك باهتة، وتُدفن البريق في عينيك.
يبدأ وحش في داخلك بالنمو تدريجيًا، يمتص روحك بإرادتك الكاملة، دون أي مقاومة.
فتتحول إلى جسد هش، مجوَّف من الداخل، بلا روح، بلا حياة.
يشحب لونك، وتصبح كالميت، تمشي على قدمين،
لا تشعر بشيء، ولا حتى بلذّة الأشياء.
تأكل فقط لتستمر الحياة، لكن جميع الأطعمة لها نفس المذاق.
يمتزج الفرح بالحزن، ليصبح الشعور بهما واحدًا، لا فرق.
تعمل وتجتهد وتتعب، لا حبًا في العمل أو طمعًا في الإنجاز،
بل فقط لتنهك جسدك، حتى إذا جاء الليل نمت دون عناء التفكير.
لكن رغم كل شيء، ورغم التعب الجسدي والروحي،
يأتي الليل، فترمي بجسدك على السرير، راغبًا في الراحة... لعلها تكون راحتك الأبدية.
ولكن...
يحدث ما لم يكن في الحسبان.
تتقلب يمينًا ويسارًا، وعيناك تأبيان أن تغمضا، أو تنعما بالنوم.
يهاجمك الصداع، ويؤلمك ظهرك، ويتشوش عقلك.
وبعد عناء ليس بالقليل، تغمض عينيك أخيرًا، وتتخيل أنها الراحة المنتظرة.
لكن الكوابيس تتربص بك، وكأنها كانت في انتظارك، لتهاجمك بلا رحمة، بلا استئذان.
تنهشك من الداخل، تتسارع ضربات قلبك، وتُعتصر روحك.
تنتفض فجأة، كأن أحدهم يلاحقك في ظلامٍ لا نهاية له.
تنساب دموعك رغمًا عنك،
وتحاول جاهدًا أن تُخرج صوتك،
لكن صوتك تاه في عالم آخر، عالم سحيق لا يسمع فيه أحد،
كأنك رضيع يبدأ من جديد، يتعلم كيف ينطق الكلمات.
عندها فقط...
تعلم أن الاكتئاب أصبح رفيقك المفضّل.