اذهب يوميا إلى نفس المكان لعله يأتي ارتديت فستاني الزهري فكان هديته السنه الماضية بعد ميلادي العاشر لقد أخبرني أبي أنه سيتركني عند عمتي؛ حتى ينتهي القصف وترك اختي الصغرى عند خالتي حتى لا نموت معًا.
هذه المرة غير كل مرة كان أبي يجاهد محاولًا أظهار شجاعته ولكن صوته ظهر خوفه الشديد علينا، عندما كانت تقتحم علينا أصوات الغارات تمسكنا دومًا أنا وأختي بيد أبي وهو يأخذنا إلى غرفة تحت الأرض حتى انتهاء إطلاق النار، لم أتذكر ملامح أمي ولكن أبي أخبرني دومًا أنها فضلت الشهادة على أن تتخلى عن أسرتها، مر ثلاثة أشهر من الخوف والضياع والدموع وانفطار قلوبنا لم تتوقف النيران وعشش الدمار، ولا نشعر بالأمن لقد تم ضياعنا بداخل أرضنا.
وانقطعت أخبار أختي وخالتي وبالتتابع انقطعت أخبار أبي لم يعد يتصل ولم يأتي كل جمعة يصطحبني انا واختي لبحيرة طبريه حتى عمتى تلتزم الصمت مع دمعة تخفيها عني عندما أسألها عن أبي أو اختي لم أستطع التوقف فقد اشتقت إلى ابتسامته حتى رائحته التي مثل المسك أشتقت إليها كثيرًا خرجت بالطريق دون أن أخبر عمتي لعلِ أراه في مكاننا المعتاد عند البحيرة مع آذان الجمعه ولكن لم أجده أشتاقت نفسي إليك يا أبي واليوم أصبح عمري عشرون عامًا وعلمت باستشهاد ابي مع امتزاج دمائه بالحلوى التي اشتراها لنا ودمرت النيران وطيارات العدو بيت خالتي ومازلت أذهب لنفس المكان رغم استمرار القصف واستحلال دم الأبرياء لعل يومًا أرى طيف أبي بين بريق مياه البحيرة أو نوره بين طيات شعاع الشمس.
١٦-١٠-٢٠٢٣