أنفقت كثيرا من الأيام التي تراصت لتكون سنة تلو الأخرى.
لم أشيعها وهي تسقط أو تذوب من بين جفني كدمعة حارقة.
لم أتعهد أي منها بالرعاية.ودائما أقول: هي أيام جاءت زائرة وستمضي.
حتى وقفت ذات يوم عارية من أيامي، كشجرة في خريف عمرها. تتلفت عيناي؛ لترى ندوبها.
بكيت ساعتها كثيرا؛ لأنني ظللت صامتة أعواما دون أن أتوقف؛ لأحصي عدد ما أنفقت منها بلا طائل. ربما لأنني منذ بداية الوعي أدركت أنني لم أخلق لهذه الحياة. غريبة كنت ومازلت. لم أطلب شيئا سوى إبتسامة وسلام وذراع يلتف حول عنق مكرها. يخنق تلك الرصاصات التي تطلقها علي دون أن يرمش لها جفن. ألم تلو صفعة أو خذلان.
كثيرة ما ارتدت يدي الممدودة وابتسامتي المرسومة بجرح أعمق من أن يضمده النسيان.
واليوم أنفق ما تبقى دون ندم، بل أدع أيامي تتداعى كجبل قد قصف، فزحفت فلول رماله هاربة من اشتعال النار فيها.